كتب مهمة، لكن من يقرؤها؟

كتب مهمة، لكن من يقرؤها؟
الرابط المختصر

يلاحظ المشتغل بمتابعة الكتب، أن ثمة حركة نشر وترجمة عربية جميلة ومدهشة، إذا قيست بوزنها المعرفي وأهميتها التعليمية والفكرية، وبالطبع فإن سؤالا وتعليقا تقليديا حول التأثير الفعلي لهذه الكتب، بمعنى حجم تداولها وقراءتها واستهلاكها (معرفيا) وعلاقتها بالتعليم المنتشر والمتزايد والمتمأسس في بلادنا.

كلما كتبت مقالة عن كتاب أو عن حركة الثقافة والنشر أتخيل أو أتوقع تعليقا يصل إلى الصحيفة أو إدارة التحرير أو ينشر في التعليقات، مفاده أنها مقالة زائدة عن الحاجة يا أستاذ، وإذا كانت الصحيفة، كما تقول دائما، تنشئ وتقدم خدمات وفق العلاقة مع المستهلك، فإن الخدمة التي تقدمها لا تلزم المستهلك، وأتمنى لو أنك فكرت جيدا فيما يحتاجه المستهلك، أو على رأيك اشتغلت جيدا وفق مبدأ العرض والطلب المتوقع أن صحفا تنتمي إلى القطاع الخاص تعمل بموجبه.

الكتب التي ذكرتها لا نحتاجها ولا تلزمنا، ولا أدري إن كانت موجودة في المكتبات، ولكني لا أظن، إلا إذا كانت جمعيات خيرية توفرها مجانا لبعض أعضائها، ولعلك من أعضاء هذه الجمعيات التي توفر كتبا من هذا القبيل.

كم عدد الجامعيين في العلوم الإنسانية والاجتماعية، ممن لم يسمعوا بالكتب التي تحدثت عنها أو الكتب التي عرضتها على أنها أفضل الكتب؟ من يحتاج إلى كتاب طوال حياته الدراسية في البكالوريوس والماجستير؟ كم طالبا يزور مكتبة الجامعة لغير الاحتماء من البرد؟ لماذا تعتقدون وتصرون على أن الكتاب هو مصدر المعرفة؟

وبصراحة، فقد خفت من نفسي، ولو واصلت التفكير والتخيل في هذا المسار فسوف أجد أنني متحيز ضد نفسي، وأنني أعتقد بما أقوله.

لكني أقول، وبأمانة، إنني أتعرف على عدد كبير من الناس، مثقفين وباحثين ومنشغلين بالهم العام، فأجدهم يقرأون بعناية، ويبحثون عن الكتب التي أشير إليها، والواقع أنهم على قدر من الجدية والإحاطة تضعني في موقف بالغ المسؤولية والخوف أيضا، فأتذكر التقصير والتكرار وعدم الإحاطة الكاملة بالمواضيع التي أكتب عنها.

وهكذا، فإنني أراوح بين موقفين متطرفين، اكتساب احترام وثقة قراء يملكون رصيدا معرفيا وأخلاقيا يتحداني، وعدد كبير ايضا لا يقرأون وإذا قرأوا فإنهم كما تدل تعليقاتهم يجعلونك تقول "عليه العوض ومنه العوض"!