قراءة في قرار شورى الإخوان

قراءة في قرار شورى الإخوان
الرابط المختصر

جديد الاخوان المسلمين وجبهة العمل الاسلامي هو فك العلاقة التنظيمية مع حركة حماس. وواضح ان هذا القرار لم يؤد الى تسوية اخوانية داخلية, ذلك ان فك العلاقة لم يرض الحمائم في الاخوان, الذين لم يؤيدوا اعادة انتخاب بني ارشيد امينا عاما لجبهة العمل الاسلامي.

لكني كمراقب من خارج المشهد الاخواني, اعتقد ان الخلافات داخل الاخوان هي وليدة الظروف الراهنة في البلاد, وتعكس الحاجة او الضرورة التي تفرضها المستجدات على الساحة المحلية. فاعلان (فك العلاقة) يساعد على مواجهة النعرات الاقليمية المتنامية في الاردن. كما انه يسقط ذريعة رسمية قبل الانتخابات النيابية المقبلة: بأن حزب العمل الاسلامي واجهة لحركة حماس.

من المفهوم على الصعيد السياسي والوطني ان فك الارتباط مع الضفة الغربية المحتلة, جاء قبل عقدين بسبب الاعتراف العربي والعالمي بضرورة اقامة دولة فلسطينية مستقلة, لكنه لم ينجح في فك العلاقة على المستوى الشعبي والنضالي, بين الاردنيين في المملكة, من هم من اصول اردنية او فلسطينية وبين الفلسطينيين في الضفة المحتلة.

هذه العلاقة التي لا تنهيها القرارات الرسمية والحزبية يُحَتمّها طبيعة الصراع مع اسرائيل والصهيونية, مثل التمسك الاردني والفلسطيني بحق العودة للاجئين كما تفرضها حقيقة ان القضية هي قضية العرب المركزية - وان القدس مدينة مقدسة لها مكانة في قلوب الاردنيين والعرب والمسلمين بمثل ما لعواصمهم من هذه المكانة.

في الواقع, من الصعب توقع الدوافع العميقة للخلاف داخل جماعة الاخوان وحزبها. فهل هي مجرد خلافات على كراسي القيادة داخل اكبر حزب في البلاد, ام انها بفعل تفاقم الصراع بين الحمائم والصقور على خلفيات جهوية واقليمية يتم تداولها في الاوساط الرسمية والحزبية والشعبية!

ومرة اخرى, اتساءل ان كان الصفان الاخوانيان, الحمائم والصقور يحرصان, في هذه اللحظات المهمة على كل ما يخدم الوحدة الوطنية ويساعد على اعادة العلاقة بين الشعبين (الاردني والفلسطيني) الى عمقها الطبيعي, خاصة وانها تعرضت في الفترات الاخيرة لحملات تفرقه وفتنة, حملات تساعد على تغذيتها مواقف رسمية فلسطينية وعربية ادخلت القضية الفلسطينية في سوق التصفية لصالح اسرائيل, مما فتح الابواب على مصاريعها لخطر مشروع الوطن البديل الذي يراد به القضاء على الشعبين, وتصفية الوطنين, الاردن وفلسطين.

وايضا عند البحث في ظروف قرار مجلس شورى الاخوان, على الساحة الداخلية, ارى ان ترشيح بني ارشيد من قبل الجماعة الى رئاسة الجبهة يمثل انعكاسا للمناخ العام, تظهر فيه حالة من الاندفاع نحو اقصى اليمين عند مختلف القوى والتيارات الحزبية والسياسية والشعبية في البلاد, انها مؤشر على حالة عدم الثقة بالسياسة الحكومية, واتساع النقد الشعبي الحاد لهذه السياسات, خاصة في مسألة الاصلاح التي تراوح مكانها بعدما نشر من خطوط عريضة لقانون الانتخاب الجديد تكرس سياسة حرمان القوى الشعبية من ارسال ممثليها الحقيقيين الى مجلس النواب في انتخابات وفق قانون عصري.

لغة التحدي واسلوب المواجهة مع الحكومة باتا يطغيان على مواقف المجتمع وهيئاته وفعالياته واحزابه, فمن الاضرابات المهنية والنقابية, الى مظاهر العنف المجتمعي هناك مساحة تتسع للخلافات, تجذب باستمرار ويوما بعد يوم قوى جديدة الى ساحة هذه المواجهة, والتباري في اعلان المواقف الحادة والمطالب غير المسبوقة, فيما الحكومة لا تزال غير قادرة حتى هذه اللحظة على اظهار انها تستوعب هذه الحالة باعتبارها قضية وطنية تتطلب الاصلاح الشامل الذي يقود الى توسيع المشاركة في القرارات ومحاربة الفساد ومجيء مجلس نواب قوي, والاستعداد باعلان مواقف واجراءات حاسمة تجاه سياسات ومخططات دولة الاحتلال الصهيوني ومشاريعها في تصفية القضية الفلسطينية وفرض الوطن البديل وهو ما يشغل بال الاردنيين ويطغى على تفكيرهم.