قانون تسليم المجرمين الفارين لعام 1927

قانون تسليم المجرمين الفارين لعام 1927
الرابط المختصر

رغم أهمية موضوع تسليم المجرمين الفارين من وجه العدالة وخصوصا في ظل تطورات طلب تسليم الإرهابي أبو قتادة من بريطانيا إلى الأردن, إلا أن القواعد القانونية التي تحكم تسليم المجرمين في الأردن هي قواعد قديمة بالية قد عفى عليها الزمن ويتضمنها قانون تسليم المجرمين الفارين لعام 1927 الذي صدر في عهد إمارة شرق الأردن, الذي جرى عليه تعديل بسيط على احد نصوصه القانونية عام ,1972 إلا أنه ومنذ ذلك التاريخ فقد بقي في غياهب النسيان للمشرع الأردني.
إن الإبقاء على موضوع تسليم المجرمين منظما بموجب قواعد قانونية عمرها الزمني أكثر من ثمانين عاما يعد نقطة سوداء في سجل العمل التشريعي في الأردن, ذلك أن معظم أحكام القانون الحالي لعام 1927 هي أحكام غير قابلة للتطبيق بسبب تغير الظروف السياسية والدستورية منذ تلك الفترة إلى أيامنا هذه. فالقانون الحالي لعام 1927 يعطي سمو الأمير الأعظم حق تسليم المجرمين وتحديد الجرائم التي يجوز فيها التسليم من عدمه, ويقيده أثناء ممارسة هذه الحقوق بأي اتفاق يعقده جلالة ملك بريطانيا العظمى مع أية دولة أجنبية يقضي بأن تسلم شرق الأردن إلى تلك الدولة المجرم الفار من وجه العدالة, وهي الأحكام التي لم يعد لها تطبيق فعلي على أرض الواقع. كما ما زال القانون الحالي يعطي الاختصاص بالموافقة على تسليم المجرمين لقاضي الصلح والذي يعرفه القانون بأنه يشمل رئيس محكمة البداية وأعضاءها, ويعرف المتهم بأنه الشخص المحكوم عليه غيابيا.
أما إجراءات تسليم المجرمين الفارين من رعايا الدول الأجنبية والموجودين في شرق الأردن في القانون الحالي, فهي إجراءات يستحيل تطبيقها على أرض الواقع كونها تشترط تقديم طلب من الوكيل السياسي للدولة طالبة التسليم إلى المندوب البريطاني السامي في شرق الأردن الذي يقوم بدوره برفع طلب التسليم إلى الأمير الذي يحق له إما تحويله إلى قاضي الصلح لاتخاذ القرار المناسب أو رفض الطلب إذا كانت الجريمة ذات صبغة سياسية.
وفيما يتعلق بأحكام قيام حكومة أجنبية بتسليم مجرم فار متهم أو محكوم عليه بجريمة إلى شرق الأردن, فإن القانون الحالي يشترط أن لا تتم محاكمة ذلك المجرم عن أية جريمة اقترفها قبل تسليمه في أي قسم من ممتلكات جلالة ملك بريطانيا العظمى أو البلاد التابعة لها أو انتدابها, غير تلك الجريمة التي يمكن إثبات علاقتها بالوقائع التي بني التسليم عليها, وهو ما يتنافى مع الغاية من تسليم المجرمين.
ولا يرد القول ان المحاكم الأردنية عادة ما تطبق الاتفاقيات الثنائية الموقعة على قضايا تسليم المجرمين ذلك أن محكمة التمييز قد استقر اجتهادها القضائي على تطبيق نصوص قانون تسليم المجرمين الفارين لعام 1927 على قضايا تسليم المجرمين خاصة المادة 11/2 منه التي تعطي الحق لقاضي الصلح بإخلاء سبيل المجرم المسند إليه حكم بجريمة تستوجب تسليمه أو توقيفه, على أن يكون ذلك القرار خاضعا للاستئناف خلال مدة خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره وللتمييز خلال المدة ذاتها وذلك اعتبارا من تاريخ تفهيم أو تبليغ القرار الاستئنافي للمجرم وفقا للقواعد المقررة في قانون أصول المحاكمات الجزائية.
لذا فإن هناك حاجة ملحة لاقتراح مشروع قانون جديد وعصري لتسليم المجرمين الفارين في الأردن ليحل محل القانون الحالي لعام 1927 على أن يراعي القانون الجديد المعايير الدولية والإقليمية الخاصة بتسليم المجرمين والواردة في المعاهدة النموذجية لتسليم المجرمين لعام ,1990 وقواعد تسليم المجرمين في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لعام ,2000 واتفاقية جامعة الدول العربية المتعلقة بتسليم المجرمين لعام .1952 كما يجب على مشروع القانون الجديد أن يراعي الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع الدول الأخرى حول تسليم المجرمين والتي كان آخرها اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة المملكة الأردنية الهاشمية وحكومة الجمهورية الفرنسية التي صادق عليها البرلمان مؤخرا بموجب قانون التصديق رقم (5) لعام 2012 .
[email protected]
* أستاذ القانون الدستوري المساعد في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

span style=color: #ff0000;العرب اليوم/span

أضف تعليقك