قانون انتخاب وألغام المحافظين

قانون انتخاب وألغام المحافظين
الرابط المختصر

في الأنباء، أن الحكومة فرغت أخيرا من وضع مسودة مشروع قانون للانتخاب. ويعتقد، بحسب بعض المعلومات الراشحة، أن وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية،

د. خالد كلالدة، هو من صاغ هذه المسودة. وتستند تعديلات القانون إلى توصيات لجنة الحوار الوطني، التي وئدت مبكرا!

وبحسب ما نشرت "الغد" يوم أمس، فإن مسودة قانون الانتخاب ستعرض قريبا على مجلس الوزراء لمناقشتها، قبل السير بها في باقي المراحل الدستورية، للإقرار رسميا. والمبشر حقيقة أن المسودة الموعودة للقانون، بحسب تسريبات سياسية رفيعة، ستعتمد توصيات لجنة الحوار الوطني فيما يتعلق بنظام الانتخاب، والتي كانت أوصت، في هذا السياق، بنظام انتخابي مختلط، يمكن البناء عليه إيجابيا.

لجنة الحوار قدمت في مخرجاتها الرسمية، التي لم تر النور، منتصف العام 2011، مشروعا مقترحا للانتخاب، يعتمد نظاما مختلطا، يجمع بين القائمة النسبية المفتوحة على مستوى الوطن، وأخرى على مستوى المحافظة.

ولم يعد خافيا أن توصيات لجنة الحوار الوطني، التي جاء تشكيلها استجابة لرياح "الربيع العربي"، والتي كانت في تلك الفترة في أقوى مراحلها، وُضعت أغلبها على الرف، تحديدا ما تعلق منها بقانون الانتخاب والنظام الانتخابي، بالرغم من أن تلك التوصيات شكلت يومها توافقا وطنيا واسعا؛ إذ ضمت "اللجنة" في عضويتها أغلب ألوان الطيف السياسي، بما فيه المعارض.

كانت الصدمة لأعضاء لجنة الحوار، قبل أن تكون لباقي الأوساط السياسية والشعبية، في وأد تلك التوصيات والتوافقات، وخروج الحكومة السابقة بقانون انتخاب ركز على بعض التحسينات الشكلية، واعتمد نظام القائمة الوطنية (27 مقعداً من أصل 150 مقعدا) بصورة مشوهة، ضربت في التجربة فكرة القوائم، ولم تفد العمل الكتلوي والحزبي والبرامجي، كما كان منشودا.

إحدى النتائج الرئيسة لعدم وضع قانون انتخاب توافقي، يتجاوز عقدة الصوت الواحد بكل تشويهاته للحياة السياسية والنيابية منذ منتصف التسعينيات الماضية، تمثلت في مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات النيابية الأخيرة، ناهيك عن إعادة إنتاج مجلس نيابي بشروط مرحلة ما قبل "الربيع العربي" إلى حد كبير. إذ لم تسهم القائمة الوطنية في قانون الانتخاب الحالي، بنموذجها الغريب والمشوه، سوى في المزيد من التشويه للمنتج السياسي النهائي للانتخابات.

أما اليوم، فإن ما نفترضه بعد إعداد مسودة قانون الانتخاب، بصورة مبشرة وفق التسريبات، هو أن ثمة قناعة رسمية قد تبلورت بضرورة وضع قانون انتخاب توافقي يليق بالأردنيين، ويعيد ترميم التوافق الوطني، وينعش الحياة السياسية والبرلمانية. لكن، مع ذلك، فإن استعراضا لعملية "الزحف المنظم" لرموز التيار المحافظ على روافد صنع القرار في السنتين الأخيرتين، لا يبشر بإمكانية تمرير هذا التيار لمشروع قانون انتخاب عصري، يتجاوز قصة الصوت الواحد، الذي يعتبره رموز هذا التيار، وبلا مبالغة، أكبر "نعمة" وهبها الله لنا في آخر مائة عام!

نعلم أن رئيس الوزراء د. عبدالله النسور، وعدد وازن من وزراء حكومته، لهم مواقف معروفة ضد نظام الصوت الواحد، بطبعته الأردنية المشوهة. لكن ذلك، وللأسف، لا يطمئننا كثيرا بأن قانونا ونظاما انتخابيين عصريين يمكن أن يمرا من نفق التيار المحافظ المستحكم اليوم في مفاصل مهمة بدوائر صنع القرار

الغد

أضف تعليقك