قانون انتخاب توافقي: الحكومة مطالبة بتحديد الآليات للوصول إلى الصيغة المقبولة

  قانون انتخاب توافقي: الحكومة مطالبة  بتحديد الآليات للوصول إلى الصيغة المقبولة
الرابط المختصر

بات في حكم المؤكد أن تؤجل الحكومة الانتخابات البلدية إلى العام المقبل، لأسباب عديدة، منها ما ذكره رئيس الوزراء فايز الطراونة خلال لقائه ممثلي خمسة من أحزاب المعارضة الثلاثاء الماضي، بأنه لم ترصد لهذه الانتخابات في قانون الموازنة الأموال اللازمة، علما أن إجراءها وفق الوضع القائم يحتاج إلى 90 مليون دينار، يجب توفيرها خلال 3 أشهر.
وبعيدا عن مدى وجاهة هذا السبب لتأجيل الانتخابات البلدية، إلا أن الحكومة تفعل خيرا بتأجيلها، إنما ضمن رؤية وتصور، يقضيان بالتركيز على الانتخابات النيابية التي تعتبر جوهر العملية الديمقراطية، من حيث أنها يجب أن تفرز مجلسا نيابيا يمثل المواطنين حقيقة، وبناء عليه تتشكل حكومات نيابية تكون صاحبة الولاية العامة، وتكون مسؤولة أمام المجلس، وكذلك أمام المواطنين الذين انتخبوا أغلبية نيابية شكلتها.
تأجيل الانتخابات البلدية، في ظل عدم وضوح موعد الانتخابات النيابية والقانون الذي ستجرى وفقاً له، يمكن أن يربك عمل الحكومة، ويثير عليها سخط الكثيرين في حال جاءت بعد فترة من الزمن وقالت إنه يتعذر إجراء الانتخابات النيابية أيضاً هذا العام، لأسباب متعلقة بقانون الانتخاب، وأخرى لوجسيتية وغيرها.
لا يمكن التصفيق وتأييد قرار تأجيل الانتخابات البلدية إلا إذا ارتبط بتوجه حقيقي لدى الحكومة بإجراء الانتخابات النيابية وفق قانون انتخاب يحظى بتوافق وطني كبير.
وقد تحدث الرئيس خلال لقائه بأحزاب المعارضة عن قانون انتخاب توافقي. كما أن الأحزاب التي شاركت في هذا اللقاء، وهي خمسة من سبعة أحزاب تتشكل منها لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة، بغياب حزبين كبيرين هما حزب جبهة العمل الإسلامي والوحدة الشعبية، أبلغت الرئيس موافقتها على قانون توافقي.
أي أن القضية الرئيسة التي يجب أن تعمل عليها الحكومة ومجلس النواب والقوى السياسية، هي الوصول إلى قانون توافقي، تقبل به، وترى فيه الغالبية أنه قانون مناسب للوصول إلى مجلس نيابي قوي وحكومة نيابية تقود البلد.ولكن، يجب التحذير من أن مفهوم توافق وطني مطاط وغير واضح المعالم.
فماذا يعني عمليا مصطلح التوافق الوطني؟
إن أغلبية المواطنين والقوى الشعبية والحزبية ومؤسسات المجتمع المدني توافق وترتضي صيغة قانونية معينة. ولكن من الذي سيحدد أن هذا القانون فعلا يحظى بتوافق وطني؟
هل هي الحكومة، أم قوى سياسية وحزبية ومؤسسات مجتمع مدني، أم سيكون هناك استفتاء على الصيغة التي يتم التوافق عليها، أم سترضى الحكومة بالصيغة التي يقرها مجلس النواب بدون الالتفات لآراء قوى سياسية وحزبية أخرى معارضة؟
من الواضح أن الصيغة التي سيقرها مجلس النواب لن ترضي الغالبية الحزبية والشعبية والنقابية والمجتمعية، ولن تحظى بقبول أحزاب معارضة ووسطية رئيسة.
لذلك، فإن إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يقره مجلس النواب، ولا يحظى بموافقة أحزاب معارضة وقوى ومنظمات مجتمعية مهمة ومؤثرة، لا يمكن أن يساهم في عملية الإصلاح السياسي المنشودة.الحكومة الآن، وبعد توجهها الواضح بتأجيل الانتخابات البلدية، تركز كثيرا في ملف الإصلاح السياسي على قانون الانتخاب، ويجب عليها ذلك. وللوصول إلى توافق حول صيغة القانون، هناك عمل وجهد مكثفين يجب أن يبذلا من قبل الحكومة.
فهي، أولا، مطالبة بالإجابة على مفهوم ومصطلح التوافق الوطني وماذا يعني. وبعدها، عليها العمل من أجل تحقيق اختراق في الموقف الحزبي والمجتمعي الرافض للقانون بصيغته الحالية الموجودة لدى النواب.
الحزبان اللذان قاطعا لقاء الرئيس مع أحزاب المعارضة، لم يرفضا اللقاء بالمطلق، بل كانت لديهما شروط، منها موافقة الحكومة، من حيث المبدأ، على سحب مشروع قانون الانتخاب من مجلس النواب، وعدم اللجوء إلى خيار رفع الأسعار.
والحكومة وافقت على بحث هذين الشرطين في لقائها مع الأحزاب الخمسة المعارضة، فلماذا لا تعلن موافقتها على هذين الشرطين مرة أخرى وتحاور الحزبين المعارضين حول قانون الانتخاب، لعل وعسى يحدث هناك اختراق ما؟ فالقضية ليست رغبات، وإنما ضرورة تفرضها المرحلة.وطبعا، فإن القضية أعقد حتى من محاورة حزبين.
القضية الأساسية هي الوصول إلى قانون توافقي. ولذلك، يجب التفكير في خيارات للوصول إلى ذلك، ومنها الاستفتاء الوطني. فهل الحكومة مستعدة لمثل هذه الخطوة التي يبدو أن كثيرا من الدول جربتها، وأثبتت نجاعتها؟

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك