قانون المطبوعات واللعب بالنار

قانون المطبوعات واللعب بالنار
الرابط المختصر

تعديلات قانون المطبوعات تستحق التركيز عليها وهي بالفعل مجازفة جريئة اقدم عليها وزير الدولة بان طرح مثل هذه التعديلات التي رحلتها الحكومات واحدة تلو الاخرى خاصة وان عمر هذه الحكومة لم يتبق عليه سوى اسابيع .؟!

نعم نحن بامس الحاجة الى تنظيم عمل المواقع الاكترونية كما هي الحال ببقية وسائل الاعلام ولكن ليس بالطريقة البوليسية التي فرضتها علينا الحكومة وبهذه السرعة . بل لا بد وان تتم بالهدوء والروية وبالحوار والتفاهم ومشاركة المعنيين خاصة وان للاعلام الاكتروني في الاردن جبروتا هرب من مسؤولية التعامل معه رؤساء حكومات ووزراء .

استعجال هذه الحكومة باجراء التعديلات على قانون المطبوعات والنشر والاسراع في ادراج القانون في الدورة الاستثنائية رغم وجود قوانين اكثر الحاحا انما يؤكد حرص الحكومة على اقرار هذه التعديلات او انه فرض عليها القيام بذلك وهذا ما ظهر في الخطبة المتقنة التي قدمها معالي وزير شؤون الاعلام . ولا شك ان القاصي والداني ادرك ان هذه التعديلات لم تأخذ بعين الاعتبار خصوصية الاعلام الاكتروني بغض النظر عن ترخيصه او تسجيله محليا او دوليا ، فالفضاء الرحب الذي لا يمكن السيطرة عليه او حجبه او التحكم به يخضع بادواته ووسائله الفنية والادارية والقانونية لمعايير دولية واممية متعارف عليها لا نستطيع كأردن ان نفرض شروطنا عليها خاصة ونحن نتباها عالميا بانفتاحنا ونهجنا الشفاف وصورتنا النمطية بديمقراطيتنا . فزميلنا العزيز مدير عام دائرة المطبوعات لا يستطيع ان يطبق القوانين الاردنية عليها وبالتالي ايقاف بثها. فالهواء الطلق وفضائيات البث لا سلطة عليها الا الأخلاقيات المهنية والأعراف الصحافية وهما اللذان لا بد من التركيز عليهما ؟!

نعم نحن بحاجة ماسة لتنظيم عمل الصحافة الاكترونية المسجلة والمرخصة داخليا تنظيما يأخذ بالاعتبار مهنية العمل الاعلامي واخلاقياته ومناهج تطويره وحماية حقوق العاملين فيه وحق المواطنين المتضررين التي يكفلها القضاء ولكن في الوقت نفسه يجب ان لا نبالغ في التعليمات التي من شأنها انتقاص من الدور الذي تقوم به المواقع الاكترونية وسقف الحرية الذي يعتبر الميزة المنفردة في اعلامنا الاردني بعيدا عن التهويل والمبالغة والاشاعة واغتيال الشخصية التي يمكن معالجتها بمواثيق الشرف ومدونات السلوك التي اصبحت سلطة اخلاقية تحد من التجاوزات والانفلاتات التي تمارس من قبل بعض الوكالات ؟

تحديد مسؤولية القائمين على المواقع في مضامين المنتج الاعلامي يمكن ان يكون رأيا قانونيا مفيدا ولكن سيحرم هذا الشرط الكثير من المساهمات والمشاركات التي تعكس اراء الناس ومواقفهم . غير ان تحكيم القضاء في التعامل مع الوسائل الاعلامية والاعتماد عليه سوف يحفظ معادلة الحرية وتنظيم واقع هذه المواقع .

الاساس في التعديل سواء للمواقع المحلية او التي تقع ريسيرفراتها خارج الاردن، ان تُجمع اراء كل الاطراف المعنية بالصحافة والنشر وفي مقدمتهم اصحاب المواقع او ممثلون عنهم بحضور النقابة واساتذة جامعيين واصحاب خبرة من الصحف والوسائل الاعلامية وعلماء

قانون واجتماع والخروج بمنتج قانوني يحافظ بالدرجة الاولى على مستوى حرية المواقع في حمل اراء وافكار وتطلعات الناس وفي الوقت نفسه الحد من اي تجاوز قد يكون غير حقيقي او منطقي وتحديد هذه الآليات ومسؤولية تنفيذها وبموافقة الجميع لان في ذلك، الطريق الامثل للمحافظة على المستوى الديمقراطي الذي وصلنا اليه .

القضية ليست بالسيرفرات المحلية او الدولية وليست ايضا بالمواقع المرخصة والمسجلة ، فاساليب التزحلق عن ذلك كثيرة ومتعددة خاصة وانك تتعامل مع فضاء لا تملك السيطرة عليه او تفرض قيودك او شروطك عليه ، فالمسالة كيف تتصرف الحكومة وتقنع اصحاب المواقع وارباب الصحافة والاعلام ببراءة التعديلات. نحن بحاجة الى الوصول لحلقة مشتركة نتفق عليها جميعا .

الخطب والتبريرات لا يمكن ان تنجح واقرار مجلس النواب لمثل هذه التعديلات لا تنجح سياسيا رغم احتمالية اقرارها تشريعيا في النواب والاعيان ،لكن سيف الكلمة والحرف والصورة سيبقى هو الاقوى القادر على اشغال الحكومة وكل المؤسسات الوطنية فلماذا وجع الرأس هذا وحرق الاصابع بالنار ؟!!

العرب اليوم

أضف تعليقك