قانون البلديات: العودة عن الضلال

قانون البلديات: العودة عن الضلال
الرابط المختصر

جرى توزيع مسودة مشروع القانون الجديد للبلديات على رؤساء البلديات، لإبداء الرأي. وسوف أسبقهم بالتعليق فقط على الفكرة الأساسية المتعلقة بهيكل البلديات، وهي قاعدة الهرم للمشاركة الديمقراطية وتحقيق الإصلاح.

يعود مشروع القانون الجديد إلى جادة الصواب بتطبيق اللامركزية والمجالس المحلية المنتخبة، ذات الصلاحيات في المناطق التابعة للبلديات المندمجة. وهذا هو مشروع الإصلاح الذي اشتغلنا عليه قبل ثلاث سنوات، وخضنا من أجله معركة مريرة في المجلس السادس عشر. لكن الحكومة في حينه سارت على الضلال من دون سبب مقنع، سوى البلادة في التفكير، والعجز عن التغيير؛ فرفضت مقترحات النواب مستعينة بمجلس الأعيان. ثم فوجئت الحكومة بالتمرد الشعبي على الدمج، فعجزت عن إجراء الانتخابات. وهكذا، أضعنا المزيد من السنوات، ليتفاقم تدهور البلديات وتردي الخدمات، وكأنه كُتب علينا دائما اللحاق متأخرين دهرا عن الوقت الصحيح للتصحيح.

المشروع الجديد لا يستعيد فقط فكرة المجالس المحلية، بل يتوسع بفكرة إضافية، هي إنشاء مجالس على مستوى المحافظات. وكأنه يسحب فكرة اللامركزية والحكم المحلي المعطلة، ليدمجها مع البلديات.

لكن هذا الأمر الاخير ينطوي على خلط مربك، لا أدري أين وُلد، لكنه ليس بجديد علي؛ فقد سمعته لأول مرّة في مطلع عمر المجلس الحالي من وزير البلديات الأسبق

م. ماهر أبو السمن في حكومة د. عبدالله النسور الأولى. ولا أعتقد أنه من بنات أفكار الرجل، ولم أعرف على أي مستوى طبخت الفكرة. وأرجح أنه تم التفكير فيها كطريقة لمعالجة موضوع اللامركزية المتعثر من خلال البلديات.

في الحقيقة، نحن كنا نكرر كثيرا القول بضرورة التكامل بين مشروع قانون البلديات ومشروع قانون اللامركزية، باعتبارهما مستويين للحكم المحلي. ولتجنب تكرار الانتخابات، اقترحنا في مشروع اللامركزية أن يتشكل مجلس المحافظة من رؤساء البلديات المنتخبين، ومن ممثلي الهيئات القطاعية في مجتمع المحافظة؛ مثل غرفة الصناعة والتجارة، ونقابات المهنيين والعمال وغيرها. وهو بالفعل ما تضمنه القانون الجديد، لكن بوصف المجلس أحد هيئات العمل البلدي، وليس برلمان الحكم المحلي على مستوى المحافظة.

للتوضيح، فإن مشروع قانون البلديات الجديد يقرر ثلاثة مستويات للهيئات: الأولى والأساسية هي المجلس البلدي (القائم الآن على مستوى اللواء)؛ وتحته المجالس المحلية للمناطق التابعة للبلدية، وفوقه مجلس المحافظة الذي يضم البلديات التابعة للمحافظة. وقانون البلديات المقترح يضع لمجلس المحافظة مسؤوليات تشمل مديريات الوزارات والمؤسسات، بما يتجاوز الشأن البلدي.

على كل حال، يمكن أن نقبل بوجود النص على مجالس المحافظات كمكسب يثبت وجودها انتقاليا، وكتجربة لمأسسة الصيغة الهلامية السابقة للمجالس الاستشارية للمحافظات.

لو أردت تمكين الصيغة المقدمة في مشروع القانون وتصحيحها لتستقر على قدمين ثابتتين، لاقترحت المستويات الثلاثة بالطريقة التالية: المجالس البلدية على مستوى كل مدينة وبلدة وقرية، كما هو المنطق والحال في كل مكان في العالم؛ والمستوى الثاني مجالس الألوية التي ترث المجالس البلدية المندمجة؛ والمستوى الثالث مجالس المحافظات. والبلديات الكبيرة نسبيا يمكن أن تتشكل فيها لجان للأحياء والمناطق.

وللحديث صلة

الغد