فَتْحُ الدستور لحوار مجتمعي واسع

فَتْحُ الدستور لحوار مجتمعي واسع
الرابط المختصر

الايجابية الكبرى في موضوع التعديلات الدستورية والجدال الدائر في المجتمع الأردني, أنّ الدستور فتح للنقاش والحوار الواسع, بعد أن كان مغلقاً على الخوض فيه, وكان ذلك يُعدّ خطاً أحمر.

ولذلك تستطيع الحكومة الآن أن تجعل هذا الموضوع مادة للحوار والنقاش المجتمعي الواسع أمام السياسيين والقانونيين وأساتذة الجامعات, وأصحاب الاهتمام, بكل يسر وسهولة وصدر مفتوح من دون أي حساسيات أو أي نوع من أنواع الإحراج. فرصة حقيقية لمشاركة الشعب الأردني كلّه في الدخول والمشاركة في أهمّ عقد اجتماعي ينظم حياتهم ومستقبلهم ومستقبل أبنائهم إلى أمد بعيد, والمشاركة في صياغة أهمّ وثيقة اجتماعية, تكون محل إجماع الأردنيين, واتفاقهم على اختلاف توجهاتهم وأفكارهم. الدستور في الأصل عبارة عن القواعد القانونية الآمرة العليا التي تنظم شؤون الدولة والمبادئ العامة التي تضبط العلاقة بين الشعب والسلطة, ولا تحتمل الخلاف بين مكونات المجتمع, ولا يجوز أن تكون موضعاً للشك وعدم الثقة, والطريق المفضل لصناعة هذا الإجماع وهذا التوافق الجمعي الغالب, هو فتح الدستور لحوار هادئ موسع من دون انفعال ونزق ومهاترات ومهاجمات واتهامات. 

نحن الآن أمام مرحلة جديدة كليّاً, ونحن جميعاً معنيّون ببناء هذه المرحلة, والمشاركة في صياغة الأسس والقواعد العامّة الواسعة التي تحظى باتفاق كل مكونات الشعب الأردني, وتتسع للمخالفين إن وجدوا ونحن مستأمنون على ايجاد هذه الأرضية الصلبة الصالحة لبناء صرح الدولة الأردنية المدنية الحديثة التي تضم جناحيها على جميع أبنائها بعدالة ومساواة وعدم تمييز على أي أساس من أسس التفرقة والاختلاف, وتتسع للأغلبية والأقلية.

ونحن معنيون بالاتفاق على المعايير والمقاييس التي تصلح أن تشكل أسلوباً جماعياً في الحكم على الأشياء بطريقة علمية موضوعية صحيحة متفق عليها. ويمكن في هذا المجال أن نجيب على مجموعة من الأسئلة الكبيرة والمهمّة حول التعديلات الموضوعة والمطلوبة:

أولاً: كيف نجعل من التعديلات الدستورية الجديدة قاعدة صحيحة لنقل الأردن الى دولة ديمقراطية حديثة, مثل كل الديمقراطيات الموجودة, تحظى بتقدير عالمي, ونحن لسنا بِدْعاً من البشر. 

ثانياً: كيف تكون هذه التعديلات طريقاً لإعادة السلطة الكاملة للشعب الأردني; لأنّ القاعدة الدستورية المتفق عليها: الشعب مصدر السلطات, فينبغي إزالة جميع المواد التي تتعارض وتتناقض مع هذه القاعدة الثابتة.

ثالثاً: كيف نجعل من هذه التعديلات طريقاً لتحصين مجلس الأمّة من الحل والتدخل من السلطة التنفيذية أو من أي طرف, بحيث يجب أن يكون مجلس الأمّة سيد نفسه هو الذي يقرّر بدء الاجتماعات وفض الدورات, وتقرير الانتخابات المبكرة.

رابعاً: مجلس الأمّة يجب أن يكون منتخباً من الشعب الأردني بشقيه بشروط واضحة تلبّي الغاية الأساسية من وجود أهل الخبرة والاختصاص والكفاءة التي تغطي النقص الذي ينتج عن انتخابات الشق الأول.

خامساً: كيف تكون هذه التعديلات قادرة على دسترة تشكيل الحكومة من الأغلبية التي تحوز على أغلبية المقاعد البرلمانية وفقاً لبرنامج سياسي شامل تمّ انتخابهم من قبل الشعب على أساسه.

سادساً: هل هذه التعديلات الدستورية تؤهل الحالة السياسية لتكريس مبدأ تداول السلطة, ويجب أن نعلم أنّه إذا لم يتمّ تكريس مبدأ تداول السلطة فلا ديمقراطية حقيقية.

سابعاً: يجب إرساء ثقافة الدولة المدنية الحديثة, ونفي ثقافة الدولة الرعوية والأبوية, والخلاص من ثقافة الإقطاع السياسي الذي يعتبر الشعب أتباعاً ورعاعاً وعمّالاً وعبيداً ورقيقاً.

وختاماً يجب أن نصنع الاتفاق ولا نثير الخلاف; لأنّه بمجرد أن يكون الدستور محلاً للخلاف, فلم يعد دستوراً حقيقياً, وفقد مكانته المرجعية لكل مكونات الشعب; ولذلك لا بدّ من إجراء استفتاء شعبي عام على الدستور الجديد.

العرب اليوم