في ذكرى النكبة.. تفاصيل المشهد الراهن وسيناريوهات المرحلة المقبلة

في ذكرى النكبة.. تفاصيل المشهد الراهن وسيناريوهات المرحلة المقبلة
الرابط المختصر

** الكونفدرالية المطروحة لن تكون بين دولتين.. بل بين دولة وسكان

** الأردن الرسمي لا يبدي اهتماما كافيا بما يجري في داخله، بل يراهن على دوره الجيوسياسي

** ربيع فلسطين انتفاضه شاملة من غزه الى الضفة الى مناطق ال48

يمكننا في الذكرى الخامسة والستين لاحتلال فلسطين أن نقف لنؤكد على المبادئ والبديهيات, كالدعوة لحماية حق العودة، أو تكرار حقيقة ألا شرعيّة لكيان عنصري غاصب، أو إعلان ألا تعايش مع الصهيونية، أو شرح أسباب استحالة النهوض العربي في ظل وجود دولة إسرائيل، أو تبيان الوقائع التي تظهر عقم ‘حل الدولتين’… يمكننا القيام بكل ذلك لكننا لن نضيف جديدًا لمواقفنا. ومن هنا آثرنا في التيار القومي التقدمي أن نقف لنستعرض، على شكل نقاط، بعض ملامح الوضع الإقليمي الذي ينعكس بالتأكيد على الأردن وعلى القضية الفلسطينية.

1- في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ عام 2011، تراجع دور الدول العربية المركزية، وصارت دولًا رخوة مأزومة فاقدة لدورها الإقليمي (لاحظ مصر، سوربا، العراق). وفي المقابل يتزايد الدور الإقليمي للأردن برغم الأزمة الاقتصادية الاجتماعية السياسية التي يعيشها. ويقابل ذلك فقدان توازن للمشروع الفلسطيني واصطدام ما سمي بحل الدولتين بالحائط، وتوضح ان التسويات الممكة (لكل من انخرط في اوسلو بشكل مباشر او غير مباشر او لكل من يعيد انتاج وثائقه السياسية لتمكنه من مباشرة المفاوضات مع الامريكان او الاسرائيلين) لن تحصل الا وفقا للاجندة الاسرائيلية المتبناة امريكيا.

2- أسباب تزايد هذا الدور هي: أولًا الدور الأردني الذي يزداد احتمالًا في فلسطين وبما يرضي الاسرائيلين ، فهناك حاجة عند سلطة الحكم الذاتي المحدود لفك عزلتها الدولية، وما لها إلا الأردن الرسمي ليعينها على ذلك، ولعل هذا أحد مرامي اتفاقية الوصاية على المقدسات: إذ تتخلص السلطة من عبء القدس وصعوبة التفاوض حولها، فيما يجد الأردن لنفسه مدخلًا للجلوس على طاولة المفاوضات المنتظرة وخاصه بما يتعلق بتعويضات اللاجئين . ومن ناحية أخرى، تحتاج حماس لتواجد رسمي معترف به في الضفة لكي تستمر في سعيها لوراثة المنظمة، وهذا ما لا يمكن لها تحقيقه إذا بقيت محصورة في غزة. وهكذا يلتقي ‘النقيضان’؛ واحد يريد الخروج والآخر يريد الدخول وكلاهما لا بوابة أمامه إلا البوابة الأردنية الرسمية (والتي ينظر لها كحصان طروادة) . وثانيًا تزداد معالم حراك جديد نوعي في سوريا اتضاحًا ويبدو من التواجد العسكري الأمريكي في الأردن (بغض النظر عن مبرراته المعلنة) أن هناك دورًا يحضر للأردن في الأزمة السورية، وقد يمتد هذا الدور إلى الأنبار.

3- تزداد أهمية الإقليم في الصراع الجيوسياسي والصراع على الغاز في شرق المتوسط،(نظرا لما يشكله من مصدر للطاقة والغذاء والماء، ناهيك عن الموقع من اولوليات استراتيجة للقوى المتصارعة عالميا ) واستخراج الغاز والاستثمار يتطلب ظروفًا مستقرة نوعًا ما (هدنه امنية )، لكن التسويات في الإقليم لا تزال بعيدة،،،. صحيح أن هناك اتجاهًا دوليًا لهدن ما، لكن لا يزال دونها الدم والفوضى ,, ويكثر الحديث عن مؤتمرات اقليمية ودولية لمعالجة الوضع السوري ولكن تلك المؤتمرات تحتاج الى حروب تحريكية متعددة ومتنوعة لملامسة تلك التسويات ,,والتي قد تحمل في ثناياها تأسيس لتعددية القطبية.

4- في ظل التحضير لصراع أوسع نطاقًا يزداد التجاذب في الاردن و على الأردن، فكل محور يسعى لكسبه إلى صفه (إيران تعرض تزويد النفط، والكيان الصهيوني يعلن عدم استعداده للتفريط بالمعاهدة بعد تصويت مجلس النواب، والعلاقات الأردنية مع روسيا والولايات المتحدة في تحسن). وسواء اتسع الصراع أو لم يتسع يجد الأردن الرسمي نفسه في وضع مريح إقليميًا ( من خلال الاندفاع غربا بما يرضي الاسرائيلين وشمالا بما يتوافق وارتباط عضوي تاريخي لدوره )فلا يبدي اهتمامًا كافيًا بما يجري في داخله (لاحظ ردة الفعل الرسمية على كل أزمة، بل قل الدور الرسمي في التأزيم). وهكذا يراهن الأردن الرسمي على أن دوره الإقليمي كفيل بأن يحقق له ما يكفي من العوائد المالية لمعالجة مديونية تزيد عن 24 مليار دولار ويرى بتعويضات اللاجئين واتفاقيه خط النفط-البصرة -العقبة (ذلك الخط ما كان له ان يكون دون توافقات ايرانية امريكية اسرائيلية، ولا ننسى تجربة 1984 الفاشلة للخط ذاته بسبب الرفض الاسرائيلي آنذاك )مدخلا ماليا هاما سيساعده لاحقًا على التعاطي مع الأزمة الداخلية.لأن القناعة الراسخة لدى المركز الحاكم ان اموال الفساد قضية مغلقة وعليه التصرف والاستفادة من الموقع الجغرافي السياسي لتوفير العوائد المالية اللازمة ..لمعالجة اوضاعه الاقتصادية المأزومة ..

5- إن أحد المخارج، والذي قد يفرض فرضًا على الاطراف المختلفه ، هو القبول بكونفدرالية أردنية فلسطينية تكون شرطًا للهدنة. لكن الكونفدرالية المطروحة لن تكون بين دولتين (ولن يخدعنا قرار الأمم المتحدة حول اعتبار فلسطين دولة غير عضو)، بل ستكون بين دولة وسكان. إن الانخراط الرسمي الأردني الفلسطيني في هذا المسار، خصوصًا مع قبول الجامعة العربية (بقيادة قطر والسبع العجاف من الدول المحيطة بفلسطين )بتبادل الأراضي وإصرار الكيان الصهيوني على يهودية الدولة إنما يشير إلى مسار خطر على القضية الفلسطينية وعلى الأردن.،،( تلك هي ثورة النفط والغاز ).

6- ننوه إلى أن هذا المسار ليس مفروضًا على المركز الامني السياسي الحاكم في الأردن،لا بل يندفع له اندفاعا ,,,, وبالتالي فإن التهويل من الترانسفير الناعم والخشن والوطن البديل هو حرف للأحداث سواء كان بوعي ام بدونه، هدفه المستتر (انه حل ضد الاردن ونقطة. وكأن في ذلك مصلحة لفلسطين ) ويجري التحضير له بانخراط رسمي طوعي في مسار سياسي يؤدي إلى تسويات تهدد السلم الاجتماعي وقضية العرب المركزية،ويشكل خطرا على الاردن وفلسطين معا ،،،، ويعتقد المطبخ السياسي أن هذه التسويات ستجلب مالًا يكفي لشراء السلم الاجتماعي!

7- إن هذا المسار مفروض على الأردن الشعبي فحسب، فهو المتضرر منه! وهو مفروض من قبل الأردن الرسمي الذي لهذا السبب بالذات داور وناور طيلة عامين لإجهاض شعارات الإصلاح؛ فالإصلاح يعني، من ضمن ما يعنيه، أن تعكس قرارات الأردن الرسمي مصالح الأردن الشعبي، لكن مصلحة شعبنا لا تكمن في الانخراط في هذا المسار الخطر. ومن الضرورة بمكان أن نرفع الصوت عاليًا من أجل إبراز هذه الحقيقة والتأكيد على أن ضحايا هذا المسار المحتمل سيكونون من أبناء شعبنا شرق النهر وغربه، ، كذلك إن هذا المسار مفروض من قبل سلطة رام الله على الشعب الفلسطيني ويضع في مهب الريح عشرات السنين من النضال والتضحيات .

اتضحت الاحداث ان البناء السياسي الفلسطيني الحاكم اصبح في موقع المتلقي للاحداث والمتصارع مع مركز سياسي حاكم في غزة. الاساس لكل منهما من يملك ان يحكم السيطرة على م.ت.ف ليكون الممثل والقائد والحاضر على طاوله المفاوضات بينما( الاسرائيلين )،،يحكمون السيطرة ويرسمون الحقائق ليهوديه دولتهم على الارض ،،،

8- بالختام ان تلك المراكز السياسية المنخرطة بالتسويات والهدن الامنية السياسية لا تقيم وزنا للبشر والمواطنين، وترى أن التزاماتها الاقتصادية السياسية اهم من السلم الاجتماعي الداخلي ,,, ولا تقيم ايضا اي وزن لقيم المواطنة والعدالة وسيادة القانون ,,,ولا قيمه لشعبها بالكامل مقارنة بمصلحة المركز الامني السياسي الحاكم ,,,كذلك هي كل النظم الرسمية العربية التي لا تقيم وزنا لشعوبها وتسودها حالة انكار وفقدان للسلطة الاخلاقية وتعمق لازمات اقتصادية اجتماعية قاعدتها الاستبداد والفساد ,,,,

9- وسط كل ذلك يقفز امامنا السؤال المتداول ،،، هل نحن امام انتفاضة فلسطينية جديدة يكون وقودها الظلم والقمع والحالة الاقتصادية المأزومة في الضفة الفلسطينية ؟ ناهيك عن حركة اسيرة مناضلة صابرة كانت ولا تزال ضمير ومحرك الانتفاضات الفلسطينية ,,, وتغول استيطاني سرطاني على امتداد فلسطين التاريخية ,,,وجدار عزل عنصري ,,, كل ذلك يرجح ولكنه لا يحسم جوابا اننا على ابواب الانتفاضة …اننا نعيش ارهاصاتها ….وربيع فلسطين انتفاضه شامله من غزه الى الضفة الى مناطق ال48 تعيد الالق للمشروع والحلم الفلسطيني والعقل في الصبر

في الذكرى الخامسة والستين للاحتلال تتعاظم المخاطر، وتدخل الأنظمة إلى المرحلة الفاصلة وهي تضع مصلحتها الضيقة فوق مصلحة شعبها،,,,,تلك نظم فردية مستبدة بالضرورة ان تكون خاتمة اعمالها الفساد ولن تكون الا حليفا للمركز الامريكي الاسرائيلي .. وتخشى الأنظمة الأخرى أكثر من خشيتها من الكيان الصهيوني… ما أشبه اليوم بالعام 1948.

أضف تعليقك