عين واحدة لا تكشف الحقيقة!

عين واحدة لا تكشف الحقيقة!
الرابط المختصر

أرجو أن ننظر بعينين اثنتين لما يحدث في بلادنا، وهذه الدعوة ليست فقط من أجل الالتزام بالدقة والموضوعية والانصاف التي يفترض أن ننحاز اليها دائماً عند تغطية “الاحداث” او التعليق عليها، وانما – ايضاً – من أجل اقناع الناس “بالخطاب” الذي نتبناه في سياق مناقشة قضايانا العامة.

الذين ينظرون بعين واحدة، ذهبوا – مثلاً – الى ادانة “عرض” القوة الذي اختاره “الاخوان” لمسيرتهم وسط البلد امس الاول، ومع ان المسألة خالطها بعض المبالغة الا ان ما فعله الاخوان لم يكن محسوباً بدقة، وكأن يمكن ان يختاروا “استعراضات” اخرى لايصال رسائلهم، خذ مثلاً لو حمل “شباب الاخوان” الورود في أيديهم، او لو انهم “لوحوا” باليافطات البيضاء، الا يعبرون بذك عن “الرد” الحقيقي على ما تعرضوا له في مسيرة اربد.

لكن ألم يكن بمقدورنا ان ننظر بالعين الاخرى الى المحاولات التي تعرضت لها “مقرات” ومكاتب الاخوان من قبل “مجهولين”، وان نتعامل معها بمنطق الرفض والادانة ذاته، المنطق الذي اعتمدناه في مواجهة “عرض” القوة، الا يكون خطابنا – حينئذ – اكثر قبولاً واقناعاً، ورفضنا “للعنف” مهما كان شكله اكثر تأثيراً في الجمهور ثم الا يكون “موقفنا منسجماً اكثر مع قناعاتنا العامة؟

الذين ينظرون بعين واحدة، ايضاً، ذهبوا الى مناقشة الملف السوري من زاوية “تعاطفهم” مع النظام، او “خصومتهم” له، لكنهم لم ينتبهوا الى ان “مصلحتنا” الوطنية تقتضي النظر من زاوية اكثر رحابة واتساعاً، لأن ما يهم المواطن الاردني هو “مآلات” اي انحياز في موقفنا سواء مع النظام او مع الثورة، على اوضاعنا الداخلية، ولنا ان نتصور هنا بأن ما انتهت اليه “المقاربات” السياسية تجاه “علاقتنا” بالملف السوري قد اختزلت في اتجاهين متعاكسين بسبب منطق النظر “بعين” واحدة، فيما كان من الواجب ان نضع “الحدث” امام موازين “المصلحة” الوطنية أياً كانت مواقفنا السياسية.

لدينا نماذج اخرى عديدة تتعلق “بخيبة” العين الواحدة في التعامل مع قضايانا، خذ – مثلا – ملف الاصلاح منذ بدأ وحتى انتهى الآن، وخذ ايضاً “موسم” الثقة والعلاقة بين النواب والحكومة، وخذ – ثالثاً – مواقفنا تجاه قيم المواطنة و”ثنائياتها” والعدالة واتجاهاتها، والحراكات ومسيراتها.. الخ حين ندقق في ذلك سنكتشف بأننا أصبحنا ضحايا “للنظرة” الاولى، وللاحكام “المعلبة” وللانطباعات الجاهزة، وللاختراقات غير المفهومة، لكن ماذا لو انصتنا مرة “لضمائرنا” وتجردنا من حساباتنا الشخصية، الا يمكن ان تكون “النتيجة” افضل؟

فضيلة “النظر” بعينين اثنتين الى “أزمات” بلدنا وقضاياها، ستجعلنا – بلا شك – اكثر قدرة على تشخيصها ومعالجتها، وعلى اقناع الناس بما نقدمه من “وصفات” للخروج منها، وعلى “لمّ شمل” المجتمع حول المصلحة العامة، وايضاً على التحرر من “الزاوية” المواربة التي وضعنا أنفسنا فيها، ومن “العبث” الذي يمارسه البعض في مقدساتنا الوطنية تحت لافتة “الشطارة” او “التذاكي” على المجتمع.

الدستور

أضف تعليقك