عمان تدير ظهرها لدمشق وتقترب من الموقف السعودي

 عمان تدير ظهرها لدمشق وتقترب من الموقف السعودي
الرابط المختصر

في يوم واحد فقط، تحولت الديبلوماسية الأردنية حيال الأزمة السورية من التعبير عن "قلق" إلى مطالبة صريحة بـ"وقف العنف فورا وتنفيذ الإصلاحات والاحتكام إلى منطق الحوار".

هذا الموقف خرج إلى العلن عبر خبر لوكالة الأنباء الرسمية "بترا" نقلت فيه تفاصيل اتصال هاتفي أجراه رئيس الوزراء معروف البخيت مع نظيره السوري عادل سفر.

وتحدث البخيت، الذي عبر عن "مشاعر الرفض والأسف" لدى الحكومة لـ"استمرار القتل وحال التصعيد"، عن تنامي الغضب العالمي، شعوبا وحكومات، وتبلور حال من شبه الإجماع الدولي على رفض استمرار هذه المشاهد، وطالب بـ"سرعة وقف العمليات العسكرية وحقن الدماء... للحفاظ على سلامة الشعب السوري الشقيق وعلى أمن سوريا واستقرارها ووحدة أراضيها". وشدد على أن الأردن ينتظر "اتخاذ إجراءات ملموسة وعاجلة في الفترة القريبة".

هذا الموقف الرسمي الذي تأخر عن الموقف الشعبي، يرى سياسيون أنه كان له ما يبرره، لحساسية العلاقة الأردنية - السورية، وتغيرات الظروف الدولية والإقليمية والمحلية.

محليا، جاء الموقف الأردني غداة دخول المملكة مرحلة جديدة بتسلم العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين توصيات اللجنة الملكية لتعديل الدستور وتعهده إنجاز الإصلاحات السياسية قبل نهاية السنة، مما يجعل عمان متقدمة على دمشق إصلاحيا، وفي مكانة وموقع يؤهلانها لأن "تعلّم" على غيرها، وخصوصا حكومة دمشق الغارقة في دماء أبناء شعبها.

كما أن الموقف الشعبي المتضامن بقوة مع الشعب السوري، وخصوصا سكان المناطق الشمالية الذين تربطهم علاقات الجيرة والقربى والمصاهرة بالسوريين وخصوصا درعا، والشارع السياسي، والإسلامي منه تحديدا، شكّل ضغطاً على الحكومة، وكذلك فرصة لكسب تأييد شعبي تفتقده كثيرا، من خلال تصليب موقفها مما يجري في الجارة الشمالية.

إقليميا، لم يعد في وسع الأردن، الذي يغازل منظومة دول مجلس التعاون الخليجي طمعا في الانضمام إليها، ألا يجاريها في الموقف الحاسم من سوريا، الذي بلغ حد سحب سفراء عدد منها من دمشق للتشاور. كما أن الأردن يجري محادثات للحصول على دعم مالي لموازنته المثقلة بالعجز واقتصاده المكبل بمديونية تقارب العشرين مليار دولار.

وكان الملك عبدالله الثاني انهى قبل أيام جولة خليجية شملت الكويت وقطر، سبقتها زيارة للمملكة العربية السعودية، بحث خلالها ملفات المنطقة، ومنها الأزمة السورية.

دوليا، تحتاج عمان، التي كانت تحت المجهر في الاشهر السابقة من حيث المسيرة الإصلاحية المتعثرة فيها، إلى دعم دولي جديد، سياسيا واقتصاديا.

والرأي مستقر لدى أجهزة صنع القرار أن موقفا متصلبا حيال دمشق سيكون مدعاة رضا من عواصم القرار الغربي، وخصوصا واشنطن وباريس ولندن، بعدما ضعفت كثيرا حجج المدافعين عن النظام السوري على الساحتين الإقليمية (طهران) والدولية (موسكو)، نظرا إلى تزايد عدد الضحايا وحدّة القمع الأمني للمحتجين، فضلا عن تزايد الرفض الدولي لممارسات النظام السوري الذي بدا واضحا أن الدائرة تضيق عليه واقتربت من نقطة اللاعودة.

وينبئ التصريح المقتضب الذي صدر على لسان البخيت، بما تضمنه من لغة جافة ومطالبات واضحة، بأن هذه هي البداية في فصل جديد من العلاقة "الدائمة التوتر" بين البلدين اللذين تتشابك علاقاتهما الاقتصادية والاجتماعية كثيرا بقدر ما تتقاطع علاقاتهما السياسية وتختلف، وفقا لها، مواقفهما.

فهل تشهد الأيام المقبلة مزيدا من التسخين والتوتر؟ وخصوصا في ظل الأنباء غير المؤكدة، التي نفاها الأردن، عن اتهام الرئيس السوري بشار الأسد الأردن، لدى لقائه موفدا لم يكشف اسمه، بدعم الثورة في بلاده وتسليحها.

النهار

أضف تعليقك