عصابة من البلطجية والزعران

عصابة من البلطجية والزعران
الرابط المختصر

في كل بقاع الدنيا, عند جميع الشعوب لا يوجد قلق عند الانسان, من انه سيطرد من وطنه او يدمر بيته, فحتى في الحروب عندما تدمر المنازل فان اهلها ومالكيها يقيمون بالقرب منها او يجلسون على ركامها قبل ان يعيدوا بناءها من جديد, الشعوب لا يشغلها الا الاقتصاد والسياسة والثقافة والرفاهية.

فقط الفلسطينيون, من دون شعوب الارض يتعرضون لشيء مختلف تماما ومتناقض بالكامل مع الطبيعة, والسياسة, كل ذلك بسبب الاحتلال الاسرائيلي. فهذا الاحتلال لم يكن كالذي تعرضت له الهند ومصر في زمن الاستعمار. وليس كأي احتلال آخر, حتى النازيين يُعتبرون تلاميذ عند العصابة الصهيونية التي تكرس مواردها السياسية والعسكرية والاقتصادية والقانونية والاستخبارية, اضافة الى الخرافات من اجل هدف واحد, هو خلع الفلسطيني من بيته اولا ومن ارضه ومزرعته ثانيا, ومن وطنه اولا واخيرا.

في الشيخ جراح, احد احياء القدس المحتلة, يتكرر ما قامت به قوات البالماخ وشتيرن في عام 48 في دير ياسين وفي اكثر من (4) آلاف مدينة وقرية فلسطينية. انه المشهد نفسه, قرار يتحول الى مرسوم عسكري, ينفذ بتدمير منازل الفلسطينيين, وابعادهم وتهجيرهم من المدن التي تقع فيها منازلهم, ثم حرمانهم من الهوية. واخيرا معاملتهم (كغرباء). وهذا يعني ان الغريب ما عليه الا ان يرحل في اي يوم وبأي وسيلة!!.

امس الاول, كنت استمع عبر اذاعة الـ بي بي سي. الى مقابلة مع نائب وزير التطوير في حكومة نتنياهو, يسأله المذيع عن القرار العسكري الجديد بترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية? كم عدد هؤلاء? فيجيب بكل صفاقة: هناك نصف مليون من الغرباء يعيشون في قلب اسرائيل, يشملهم القانون, يعلق المذيع: لكن هؤلاء فلسطينيون وموجودون على ارض فلسطينية? يعلق النائب: لا. هؤلاء مخربون وخطر على دولة اسرائيل!!

للعلم, الوزير أو نائبه في اسرائيل ليس مجرد موظف ترقّى حسب الاصول الادارية, ولا هو مُنقى من وسط القطاع الخاص للاستفادة من خبرته. فالحكومة في اسرائيل, تشكل بما في ذلك نواب الوزراء من التيارات الحزبية, التي تمثل الاغلبية في الكنيست. وهو عندما يتحدث فانه يعبّر عن نهج وسياسة وقرارات وتوجهات.

لهذا فان ما قاله نائب الوزير المذكور عبر الـ بي بي سي مؤشر على طبيعة الحكومة القائمة الآن في اسرائيل. انها تمثل زمرة من البلطجية والزعران وعصابات الطرق, التي لا تحترم قانونا ولا تلتزم باخلاق ولا تعرف غير لغة القوة والعنف والاضطهاد.

اعترف كصحافي اردني, وكعربي, بان شتم مثل هذه الاصناف من السياسيين في اسرائيل لا يغير في الوضع شيئا. لانك ببساطة لا تُغضب الحرامي ان قلت له انت حرامي. لكني ارى انه من المهم الاضاءة على الشخصيات التي تقود اسرائيل وكشف تصرفاتها, اقوالها, افعالها, ومكان ذلك كله من القانون والاخلاق والمفاهيم السياسية والدبلوماسية في الحد الادنى الذي تعارفت عليه البشرية منذ بزوغ الحضارة الجديدة منذ اربعة قرون. مثل هذه الاضاءة قد لا تكون ضرورية عند غالبية حكومات وشعوب العالم التي لا تعرف عن اسرائيل الا سفاراتها. لكنها ضرورية للفلسطينيين والعرب الذين كُتِبَ عليهم ان يواجهوا سرطان خطر اسمه اسرائيل!

ونصيحتي للطرف العربي: ان ما تواجهونه, هو عصابة اجرامية تحكم اسرائيل, لا تنظروا الى دموع المجرم, ولكن انظروا الى ما تفعل يداه... انظروا الى ما يقوم به قادة اسرائيل في القدس المحتلة والشيخ جراح وغزة وعلى الحواجز, وداخل المعتقلات. ان الجميع فلسطيين وعرب في مواجهة وحش كاسر مجنون, علينا ان نحمي انفسنا وعائلاتنا وشعوبنا واوطاننا من خطر بقائه فوق القانون, حرا طليقا يفعل ما يشاء من جرائم ضد الانسانية ومن دون حساب او عقاب, والمقصود هذه المرة بالانسانية (نحن), نحن بالمعنى الاردني والفلسطيني والعربي.

[email protected]

العرب اليوم

أضف تعليقك