ضريبة البنزين ... تبرير المسؤولين أم تطوع الحواريين
رفعت الحكومة الضريبة على البنزين الى اربعة وعشرين بالمئة ، وبرغم ذلك انخفض سعره بنسبة خمسة بالمئة ، فقط لان استبدالا تم ادى الى حرق فرق السعر ، بطريقة ذكية وناعمة ، وبحيث هلل كثيرون لانخفاضه ، فيما لم يتنبهوا الى الضريبة التي ثبتت.
في الاردن مايزيد عن مليون سيارة تجوب الشوارع ، وفي مكتب رئيس حكومة سابق ، كان في موقعه ، اذ قال لي انه سيأتي يوم يمتلك فيه كل اردني سيارتين امام باب منزله ، وسيأتي يوم لن يستطيع تحريك واحدة منهما ، قال ذلك وهو يستعد لاتخاذ قرار لخفض جمرك السيارات ، الذي جاء مع تسييل مالي لقروض المصارف لتسهيل شراء السيارات.
اذا بقي سعر النفط العالمي والعربي بهذا المنوال فسيرتفع سعره الى ستة عشر دينارا ، وفقا لتقييمات شهرية ، والقرار الحكومي برفع الضريبة على البنزين الى اربعة وعشرين بالمئة لم يشعر به الناس ، لانهم لمسوا خفضا بخمسة بالمائة ، والقصة تتعلق باستبدال انخفاض السعر العالمي ، بضريبة الاربعة والعشرين بالمائة ، وهو استبدال ذكي .
الاردني يدفع ضرائب من شتى الانواع ، واذا عددنا انواع الضرائب لوجدناها لاتعد ولاتحصى ، في بلد تقول احدى شخصياته ان البلد يسير نحو معادلة تنتهي فيه الادوار الابوية للحكومات ، نحو تمويل المواطن لكل احتياجات الخزينة ، وهذا يعني ان كل الاعفاءات الاخرى في طريقها للالغاء اجلا ام عاجلا ، من اجل ان يصبح المواطن هو الممول الوحيد للخزينة ، بلا قروض او مساعدات.
معنى الكلام ان في الطريق ضرائب جديدة ، ان لم يكن هذا العام ، فالعام المقبل ، في بلد يصنف بأنه من اغلى دول العالم.
الحكومات عموما تأخذ ولا تحب ان تعطي ، و تذهب الى الحل الاسهل ، اي فرض الضرائب ، بحيث اختفت الطبقة الوسطى في البلد ، وانضمت الى الطبقة الفقيرة ، مع فرق بسيط ، هو ان هيكل هذا الطبقة الشكلي ، من سيارات وبيوت ، مازال موجودا ، فيما من داخلها لايجد ثمن فاتورة الكهرباء لدفعها.
رفع الاسعار والغلاء ، لم يُبق في الناس ، الا الرمق الاخير ، ومن يبّرر فرض الضريبة ، عليه في الحد الادنى ان يسكت ، اذا لم يكن قادرا على نقدها ، لان لا احد في العالم يقبل الضرائب ، فيما مسؤولو الحكومات المتعاقبة ، بالكاد لديهم الجرأة على شرح سياساتهم ، اما المتطوعون للتصفيق لكل قرار من هذا القبيل ، فيستحقون فروا صناعيا ناعما ، لمزيد من التحسيس عليه في اوقات الفراغ.
الدستور