صنّاع الفرح «لسّه الأغاني ممكنة..»

صنّاع الفرح «لسّه الأغاني ممكنة..»
الرابط المختصر

صناعة الفرح ليس بالأمر الهين، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها، وتعيشها المنطقة، منذ زلزال البوعزيزي، الذي فجر ربيعا، بعد بيات شتوي استمر نحو 40 عاما، إلى أن تحولت نسمات الربيع بسبب خُطّاف الفرح والانتصارات، إلى مآتم، وعودة إلى الخلف، وصلت إلى قطع الرؤوس، وحرق أصابع الفنان، وقحف حنجرة شاعر، وأكل أكباد البشر، وتحريم تمتع المرأة بهواء التكييف.!
على وتر "لسّه الأغاني ممكنة.." صنع شباب العرب، ما لم يستطع زعماء الأمة إنجازه، ووحدوا قلوب وعقول العرب العطشى للفرح، أكثر مما وحدت مؤتمرات القمم العربية، منذ مسرحيات المعدوم معمر القذافي.
ليلة الخميس، كان العرب على موعد مع الفرح الذي صنعه ثلاثة مبدعين، في البرنامج الفني الرائع "ارب ايدول" محمد عساف، وفرح يوسف، واحمد جمال، الذين استحضروا كل ما هو جميل في التاريخ الحديث لهذه الأمة.
بِسَمار الفلاح المصري وقف احمد جمال يغني ضد "أخونة الدولة"، وأقسم" أحلف بسماها وبترابها، أحلف بدروبها وأبوابها، أحلف بالقمح وبالمصنع، أحلف بالمبنى وبالمدفع، بأولادي بأيامي الجاية، ما تغيب الشمس العربية، طول ما أنا عايش فوق الدنيا". فاستجابت له أم الدنيا، على وقع روح جمال عبدالناصر، وتمايلت على أنغامه عرائس النيل.
وبقامة أبناء الثورة والانتفاضة، انتصر محمد عساف على الانقسام والتشرذم الفصائلي، ووحد شطري فلسطين، وسحب بساط السلطة من حكومتي رام الله وغزة، عندما غنّى العندليب "علّي الكوفية علّي ولولح فيها، وغني عتابا وميجانا وسامر فيها، هز الكتف بحنيه، جفرا عتابا ودحيه، وخلي البارود يهلل ويحليها، علّي الراية برام الله وبجبال النار وعقال العز عقالك عزم وإصرار...". فاستجاب له كل من عشق فلسطين، عربيا وإسلاميا وإنسانيا ونضاليا.
وبشموخ جبل قاسيون، وقفت فرح يوسف ترسم ملامح أمة عندما غنت، "بكتب اسمك يا بلادي، على الشمس إلما بتغيب لا مالي ولا أولادي، على حبك ما في حبيب، يا دار الأوفى دار، تلبق لك الأشعار، تبقى على الدايم مضوية، ومزروعة بمجد وغار..". فاستجاب لها صدى النصر في تشرين، وأيقظت أحلام الشام في الحرية والكرامة.
في برنامج غنائي ساحر، استطاعت الكلمات الصادقة التي تعبر عن ضمير أمة، أن تغربل ما في عقولنا من نعرات قطرية وطائفية ومذهبية، وحلقت في روحنا مشاعل من فرح، فكانت لحظات تجاوزنا فيها كل ما علق في قلوبنا وعقولنا، وتذكرنا الشاعر الكبير مظفر النواب (شفاه الله) "لا تخف..لا تخف.. إننا أمة- لو جهنم صبّت على رأسها- واقفة، ما حنى الدهر قامتها أبدا، إنما تنحني لتعين المقادير إن سقطت أن تقوم
تتم مهماتها الهادفة..."
في لحظة تجل هاتفني بعد منتصف الليل مالك "العرب اليوم" إلياس جريسات، وبعد أن تابع الحلقة المميزة لبرنامج "ارب ايدول" فكان منتشيا، متسائلا، ماذا نستطيع أن نفعل لكي تبقى هذه الأصوات محلقة في الفضاء تصنع الفرح لهذه الأمة بعد أن خذلها سياسيوها، وماذا تستطيع "العرب اليوم" أن تقدم لهذا البرنامج الناجح، الذي دفعت له mbc بسخاء يلفت الأنظار.
الإجابة برسم عشاق الفرح والحياة في كل مكان.

العرب اليوم