صندوق النقد والتنظير من جديد

صندوق النقد والتنظير من جديد
الرابط المختصر

يطل علينا "خبير" في الاقتصاد من ناطحة سحاب في واشنطن ليقول لنا: اوقفوا دعم السلع الأساسية والغوا الاعفاءات الضريبية وحرروا قطاعاتكم الاقتصادية بما فيها المياه والطاقة وتشددوا في سياساتكم النقدية، وكأن الامر يأتي على هواه وطريقته التي لم تسعف البلاد كثيرا عندما كان الاقتصاد يئن.

استغرب سبب استمرارنا في سماع "نصائح " صندوق النقد الدولي ، فالعلاقة من المفترض ان تكون قد تضاءلت في اعقاب انتهاء برامج التصحيح الاقتصادي التي انطوت عليها العلاقة بين الاردن والصندوق ، وما المعنى من ان تنتهي البرامج المنفذة بالتنسيق مع الصندوق والبدء بعدها ببرامج محلية لتحسين شروط الاقتصاد الصحية للسنوات المقبلة ، ليعود علينا الصندوق مجددا بسلسلة توصياته التي تتعامل مع فقراء الاردن باعتبارهم ارقام صماء . وان النظرية الاقتصادية تتفوق – برأيهم – على كل ما يخص الانسان وأمنه الغذائي ، وللعلم فإنني لست ضد تحرير السوق ، لكن الطريقة التي يتعامل بها الصندوق تشعرك بأن اي ازمة تواجهها حكومات دول العالم الثالث قابلة للحل ولو كانت على حساب الشعوب التي ليس لها من امرها شيء.

وأبعد من ذلك، فإن الازمة الاقتصادية التي طحنت العالم خلال العامين الماضيين، تؤشر بشكل واضح على فشل سياسات الرقابة وتدعو الى إعادة التفكير في النظريات الاقتصادية لا سيما المتعلقة بتحرير الأسواق.

والاهم ان الازمة كشفت ضعف صندوق النقد كأداة تخطيط وإسناد عالمي ، فالأفكار التي يسوق لها الصندوق لم تنجح في المدن القريبة من مركز ادارة الصندوق في اميركا ، فكيف لها ان تنجح في اقصى بقاع الارض ، في ظل اقتصادات مختلطة تمزج من دون علم – او عن دراية – بين الرأسمالية والاشتراكية ، وتتقاذفها الافكار التي لا تصمد طويلا على ارض الواقع .

يتحدث الصندوق عن الأردن مرة اخرى بمنطق الرقم والنسبة، فأفكاره وتوصياته الجديدة ستسمح للمديونية ان تتراجع الى نسبة 53 % من الناتج المحلي الاجمالي بعد خمس سنوات ، مع العلم ان المديونية الاردنية زادت ولم تقل بعد كل البرامج – برامج الصندوق والبرامج الوطنية – وتحولت الحكومات المتعاقبة من التركيز على الاستدانة الداخلية بعد ان استوفت كل ما هو ممكن للاستدانة من الخارج ، واتسعت لذلك المديونية الداخلية وباتت عبئا على الدولة.

ورغم الاتفاقات مع ناديي لندن وباريس الا ان المملكة عادت اخيرا لفكرة الاستدانة الخارجية من مؤسسات تجارية، وهي عودة الى عام 1993 الذي كان من المفترض ان يكون حدا فاصلا بين الاردن ومحاولات الاستدانة من الاسواق التجارية الخارجية. ، فكيف يمكن للاقتصاد المحلي ان يتجاوز كل هذا التاريخ المتراكم ويتمكن من خفض مديونيته الى 53 % من الناتج المحلي .

أضف تعليقك