ننتظر في الأيام المقبلة أن يمارس رئيس الوزراء صراحته التي تعودنا عليها في رفع الأسعار، ويعترف بالصوت العالي أن صندوق النقد والبنك الدوليين قد غضبا على الحكومة لأنها تأخرت في قرار رفع أسعار الكهرباء، وقد هددتا الحكومة أن معها حتى بداية تموز لكي تعالج الأمور وترفع أسعار الكهرباء، وإلا سوف تحرم من باقي قيمة القرض (أبو المليارين).
في الأسبوعين المقبلين سوف تتدحرج بيننا قضية التعديل الوزاري وتصبح الشاغل للصالونات السياسية وعشاق التغيير والتبديل الحكومي، وفي معمعة التعديل سوف يجري تمرير قرار رفع أسعار الكهرباء، التي مهما حاولت الحكومة وأطراف معادلة الدولة لملمة شظاياها، فإنها سوف تودي بمصير الحكومة، وقد يكون هذا هو الطلق الأخير في جعبة حكومة النسور الثانية.
في التعديل الوزاري الذي استفاد النسور كثيرا من موقف رأس الدولة بحسم قضية توزير النواب، سوف يفتح على نصف حكومة جديدة، إذ من المتوقع دخول 12 وزيرا على الحكومة، التي سيخرج منها اثنان على الأقل، وبالتالي سنمضي أسبوعا آخر في النقاش عن دستورية أن تعود الحكومة من جديد إلى مجلس النواب للحصول على الثقة من جديد بعد نصف الحكومة الجديدة.
في قرار رفع أسعار الكهرباء، الذي مهدت له تهديدات بعدم توفر الرواتب الحكومية بعد ثلاثة أشهر، مخاطر كبيرة، لأن الرفع لن يستقر عند الكهرباء، فسوف تتبعه ارتفاعات على جميع السلع وحاجات المواطنين، ولا يوجد الآن مسؤول مهما كبر أو صغر يستطيع أن يقول إن جيوب الأردنيين تتحمل ضغطا أكثر من ذلك، فقد استوى الجميع، وباتت الشكوى عامة، حتى من أصحاب المصالح ومستثمري القطاع الخاص، الذين لم تعد إمكاناتهم تسمح بتحسين أوضاع العاملين لديهم، بل أصبحت أعمالهم بمجملها في مهب الريح.
صيف تموز سوف يكون ساخنا، وإذا كان طبيعيا أن تتضرر الحكومة من قرار رفع الأسعار، الذي قد يسقطها شعبيا، مثلما كان الحال في حكومة الـ111 الرفاعية، فقد تصل سخونة تموز وتداعياته إلى مجلس النواب ذاته، إذ تشير تقديرات سياسية تحفر في المناطق الساخنة أن انتخابات مبكرة في الطريق، وخاصة إذا تم تسليك الموضوع السوري على نحو سياسي بلا تداعيات دراماتيكية، تغير الخرائط، وتنشئ جيوبا جديدة، وإذا تم تحريك الموضوع الفلسطيني على نحو آخر، غير سياق الدولتين التي أصبح من المتعذر نجاح مشروعهما.
لن يجد مجلس النواب له وجها يلاقي فيه الشعب إذا وافق على قرار رفع أسعار الكهرباء، فقد اشترط أكثرية أعضائه في منح الثقة عدم رفع الأسعار، فكيف سيقبل بعد ذلك بقرار الرفع، وما هي المبررات التي سوف يقدمها لقواعده الشعبية.
العرب اليوم