سياسة نفخ البالون المثقوب

الرابط المختصر

"عادت حليمة لعادتها القديمة", وهذه هي عادة الحكومات فانها ترجع الى التفتيش في جيوب مواطنيها عندما لا تجد شيئا تسد به ثقوب الموازنة واعباء خدمة المديونية, فهل الحل لدى المواطن أم لدى الدولة?

طبعا الحل لن يكون لدى المواطن لانه فرد وموارده محدودة والدولة اطار كبير قادر على الابداع وموازنة الامور وخلق السياسات الكفيلة بسد الثقوب وملء الجيوب.

لكن للاسف فان الحكومة مستمرة في انتهاج سياسة "نفخ البالون المثقوب" وهي سياسة لن تجدي نفعا, لان البالون المثقوب مهما نفخت به لن يجمع هواء بداخله لان كل نسمة تدخله تتسرب الى الخارج, والحكمة تقضي بان تسد الثقب وتعالجه قبل النفخ.

وهذا يعيدنا الى القول بان العلاج الذي تلجأ اليه الحكومة اليوم ليس جديدا لانه يمثل جزءا كبيرا من اسباب الازمة المالية والاقتصادية التي ترتكز في اساسها على فرض الضرائب الجديدة والتوسع في نهج الخصخصة غير المدروس واطلاق برامج لدعم المستثمرين تتركز على القطاعات غير المنتجة اجتماعيا مثل قطاع العقار والخدمات بالاضافة الى تقليص دور الدولة الاقتصادي الاجتماعي.

تعرف الحكومة ان برنامج "الاصلاح المالي والاقتصادي والاجتماعي الشامل الذي اطلقته نهاية الاسبوع الماضي لا يحظى بترحيب شعبي كونه يشكل خطة جباية رغم الحديث عن اهداف حكومية لمعالجة الاختلالات المالية والاقتصادية, فالحكومة تبقي على دعم الخبز واسطوانة الغاز لكنها تفرض ضرائب جديدة على استهلاك المحروقات على عكس ما وعدت به.

والمعروف ان الحكومة منذ تشكيلها تعهدت بان لا تفرض ضرائب على المحروقات, لكن الاردنيين اكتشفوا بانهم كانوا يدفعون ضريبة غير معلنة على البنزين (اوكتان 90) بقيمة 6+10 % والبنزين (اوكتان 95) بقيمة 6+12% واصبحت الان على التوالي 18 و24 %, مع الابقاء على دعم اسطوانة الغاز.

ومن الطبيعي ان لا يشعر المستهلك بقيمة رفع الضريبة لان الحكومة اقتنصت اللحظة المناسبة لزيادة الضريبة بالتزامن مع قرار تخفيض اسعار المشتقات النفطية بنسبة 6% مما ادى الى عدم شعور المستهلك بالضريبة الجديدة لكنه سيشعر بها في لاحق الايام عندما ترتفع الاسعار حسب البورصة العالمية.

والحكومات تعرف كيف تتعامل بذكاء مع قرارات رفع الضرائب, ففي حالة المشتقات البترولية تلجأ الى الرفع على الانواع الاكثر استهلاكا لانها تستفيد اكثر وتبقي الدعم الحكومي على الانواع الاقل استهلاكا وهنا تدفع الحكومة دعما اقل, فهي ترفع الضريبة على البنزين وتدعم اسطوانة الغاز لان استهلاك الاخيرة اقل بينما البنزين استهلاكه كبير جدا ولا احد يستغني عنه.

ولا شك ان الحكومة في قرارها الاخير ستعطي المرشحين لمجلس النواب سلاحا جديدا لكسب قلوب الناخبين عبر مهاجمة تلك القرارات الحكومية من خلال حملاتهم الانتخابية, ويبدو ان الحكومة جادة في "عدم ترحيل الازمات والمشاكل " لكنها لم تحدد الجهة المقصودة بالترحيل, هل هي الحكومة المقبلة ام جيوب المواطنين?

الإصلاح الاقتصادي الحقيقي يجب ان يترافق مع حوافز للقطاعات الانتاجية ودعم للشرائح متوسطة الدخل, وآليات حكومية مقنعة للناس بان الحكومة تتصرف وتنفق حسب قدرتها وليس حسب ما هو متوقع من مساعدات او قروض ربما لن تأتي.0

العرب اليوم

أضف تعليقك