سوار الفوضى حول الاردن *

سوار الفوضى حول الاردن *
الرابط المختصر

يواجه الاردن ظرفا إقليميا صعبا جدا،اذ ان هناك سوارا من الفوضى في الاقليم وهذا السوار يحيط بالاردن كما سوار المعصم من كل الجهات،ولعل السؤال المهم حول قدرة الاردن على مواجهة هذا الواقع،في ظل معادلة داخلية حساسة جدا وصعبة وتفيض بأثقالها،سؤال بحاجة الى إجابة؟!.

من غرب العراق المجاور للاردن الذي تذكر حقوقه فجأة في وجه حكومة المالكي بعد عشر سنوات من دخول الامريكيين،وبعد كل التغييرات التي جرت في العراق،فقد جاء غرب العراق لينتفض فجأة في وجه بغداد،مستذكرا الحقوق الغائبة.

الاغلب ان هذه المناطق تحركت بفعل فاعل سياسي ومالي في سياق المكاسرة الاقليمية الجارية في المنطقة،وهكذا فان خاصرة الاردن الشرقية ضاغطة عليه بشدة ولا أحد يعرف الى اين سيصل ضغطها في نهاية المطاف؟!.

الى شمال الاردن حيث ما يجري في سورية من اقتتال داخلي ومواجهات بين النظام وفصائل الثورة،وتداعيات الاقتتال من هجرات واخطار سياسية وامنية واجتماعية،وهي اخطار أطلت برأسها على الاردن بشكل واضح ومرشحة للتفاقم خلال الفترة المقبلة،عبر موجات الهجرة التي قد تقود الى اعلان شمال الاردن مناطق منكوبة،فوق التدفقات البشرية التي قد تتجاوز مليوني انسان.

تداعيات المشهد السوري على الاردن،لا تنفصل ايضا عن ذات المكاسرة الاقليمية التي نراها غرب العراق،بل تصل في ذات تصنيفات التعسكر الظاهر والباطن،وتكاد ان تكون انتفاضة غرب العراق ابنة عم انتفاضة السوريين،وتؤديان غاية واحدة.

الضفة الغربية اي غرب الاردن لا تختلف كثيرا عن كونها جزءاً من مشهد التضاغطات وسوار الفوضى الاقليمية التي تعبر عن نفسها في هذا السياق من زاوية التهديدات للقدس،والصراعات الفلسطينية الداخلية،وابتلاع الضفة الغربية،وملف السلام وما فيه من اسرار مقبلة.

إضافة الى انعكاس المكاسرة الاقليمية في المنطقة على جناحي ما تبقى من فلسطين اي الضفة وغزة،وهكذا فان التحليل العميق لكل المشهد غرب النهر لايأخذك بعيدا عن سوار الفوضى والاضطراب في كل المنطقة المحيطة بالاردن،الذي يبدو الاكثر استقرارا وسط هذا المناخ.

جنوب الاردن ايضا يقودك الى مصر وما نراه في مصر ايضا من حروب داخلية واقتتال بين فئات مختلفة وتداخل لعواصم وأنظمة،وفتن دينية،واقتتال على السلطة،وانقسام بنيوي يتم تأسيسه،بما يجعل حاضنة كبرى مثل مصر تخضع لذات معايير الفوضى في المنطقة،ولذات لعبة قلب التراب الجارية.

بلد مثل مصر لا يبتعد كثيرا عن ذات المكاسرة في الاقليم بين دول مختلفة،بل لعل مصر هي مرتكز الصراع ايضا،واحدى بواباته الاساسية،التي لا بد من حسمها من اجل حسم بوابات اخرى.

وسط هذه المعادلات فان الاردن يبدو محاطا بسوار من الضغوط والفوضى العارمة في كل جواره،سياسيا ودينيا ومذهبيا واجتماعيا،وهو جوار يتفجر كل يوم بطريقة أسوأ من اليوم الذي سبقه.

مشهد يثير التساؤلات حول احتياطات الداخل الاردني لمواجهة كل ما يجري ،اذ ان قدرة الاردن في هذا الصدد قد تكون محدودة في ظل المصاعب الاقتصادية والمشاكل الاجتماعية والاختلافات على بعض العناوين الداخلية وهي اختلافات تقود بالضرورة الى زيادة حدة تأثيرات هذا الحزام الناري من حولنا وحوالينا.

يبقى مصير الاردن وشعبه بحاجة الى اجراءات تتجاوز الادارة اليومية،خصوصا،ان حدة سوار الفوضى ترتفع يوما بعد يوم،وقد يكون الصيف المقبل الاكثر تأثيرا على كل المنطقة وعلى الاردن ايضا. أمامنا شهور قد تكفي لإعادة التموضع أمام كل ما نراه.

الدستور