زيادة المديونية: المسؤولية والحل
تتوقع التقديرات الرسمية ارتفاع حجم الدين العام مع نهاية العام الحالي، ليبلغ 19 مليار دينار، وبزيادة تقارب 2.1 مليار دينار على مديونية العام 2012. وهو رقم كبير مقارنة بإمكانات الأردن المالية، الحالية والمستقبلية. كما يشكل نسبة مرتفعة إلى الناتج المحلي الإجمالي، المقدر بنحو 24 مليار دينار؛ إذ تصل النسبة إلى 79 % من هذا الناتج.
يزداد ثقل الدين وخطورته مع تواضع معدلات النمو الاقتصادي التي بلغت خلال النصف الأول من العام الحالي قرابة 2.3 %، فيما لا يتوقع أن تزيد على 3 % بنهاية العام. يضاف إلى ذلك معدلات نمو سكاني كبيرة تفوق كل التوقعات؛ نتيجة للجوء السوري الذي رفع عدد السكان مئات الآلاف خلال فترة وجيزة، وبما يتسبب بالمحصلة في تآكل النمو الاقتصادي أيضاً. وفي الأوضاع الطبيعية، تكون معدلات النمو السكاني والاقتصادي قريبة جدا، ويمتص الأول منها الثاني، فكيف الحال مع قفزات غير اعتيادية في معدل نمو عدد السكان؟!
لكن، من يتحمل مسؤولية ارتفاع الدين، وأين الحكومة من ذلك؟
بموضوعية، يمكن القول إن زيادة الدين هي مسؤولية حكومات متعاقبة، قصّرت في خلق حلول محلية لمشكلات قطاع الطاقة، وتنصلت من تطبيق استراتيجية القطاع التي تساعد على تأمين مصادر محلية للطاقة، والتخفيف بالتالي من الاعتماد على المصادر الخارجية.
ويندرج تحت هذا العنوان توسع الحكومات في الإنفاق من دون حساب لإمكانات الأردن المالية، حتى بلغ إجمالي الإنفاق المحلي، بشقية الجاري والرأسمالي، حوالي 10 مليارات دينار، ما فرض حاجة ملحة للاقتراض، لا يمكن تجاوزها أو الاستغناء عنها.
أما تواضع معدلات النمو الاقتصادي، وهو العامل الذي يفاقم من وطأة الدين ويعمق مخاطره، فتتحمل مسؤوليته حكومة د. عبدالله النسور التي تأخرت في وضع خطط تدعم النمو، وتسهم في تجاوز حالة التباطؤ التي يعيشها الاقتصاد نتيجة تأخر الإنفاق الرأسمالي لأشهر طويلة. ويضاف إلى ذلك القرارات الصعبة المتتالية التي أعاقت النمو، وأثّرت سلباً على عمل كثير من القطاعات.
تتعاظم وطأة الدين أيضا في ظل تواضع قيمة الاستثمارات الأجنبية، والتي بدأت تشهد نموا لكن ليس لدرجة كافية. إذ سجل البنك المركزي استثمارات أجنبية بقيمة 710 ملايين دولار، بزيادة نسبتها 31 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
المشكلة أن الاستثمار الحقيقي لم يتوزع على مشاريع كثيرة، ما يعني أن تدفق الاستثمار وإن كان إيجابيا لناحية دعم الاحتياطي الأجنبي، إلا أنه غير كاف لخلق فرص عمل، مع دور متواضع في دعم النمو الاقتصادي.
المجتمع بحراكه المطلبي الذي قام خلال العامين الماضيين، وما حمله من نفقات إضافية للخزينة ضمن فاتورة الرواتب والتقاعد، ساهم أيضا في زيادة الدين. فالجميع مسؤولون عن تضخم المشكلة.
تبعات المديونية مختلفة، والسيناريوهات متباينة. أما معالجتها، فبحاجة إلى خطة تقوم على حلول قصيرة المدى، وأخرى متوسطة وبعيدة المدى. أي إنها تتطلب خطة إصلاح وطنية، تأخذ بالحسبان حجم الدين، وتسعى إلى تقليله وليس زيادته.
احد أهم الحلول هو الإسراع دونما تلكؤ في إصلاح قطاع الطاقة، وتنفيذ مشاريع ما نزال نسمع عن تأخرها نتيجة الإجراءات البيروقراطية، والخوف من اتخاذ القرار. فكلف هذا القطاع اليومية منهِكة للموازنة، وهي السبب الرئيس لضعف المقدرة على تقليل الاقتراض.
في المدى المنظور، لا يبدو أن المعطيات المحلية قادرة على كبح الحاجة للدين؛ فجميع المؤشرات تشي بأن السنوات القليلة المقبلة ستحمل دينا إضافيا بمليارات الدنانير. لكن ثمة معطيات تساعد على التخفيف من وطأة ذلك، ترتبط بتحفيز النمو أولا، وخلق بدائل محلية لمشكلة الطاقة، ثانياً، وهي التي تولّد كل مشاكل البلد المالية.
خلال الفترة 2014-2016، يُتوقع أن يشهد الدين زيادات جديدة. والخطر الحقيقي سيطل برأسه في حال لم نحقق الاشتراطات السابقة
الغد