رواتب متورمة

رواتب متورمة
الرابط المختصر

تم تخفيض رواتب الوزراء بنسبة عشرين بالمائة ، وتحولت رواتب النواب الى مكافآت قليلة ، ونريد من الاعيان ان يبادروا ايضا الى تخفيض رواتبهم ، اذ وصل العجز الى مليار وخمسمائة وتسعة مليون دينار ، وهو اعلى عجز في تاريخ الموازنات.

ملف الرواتب الكبيرة يبدأ بالوزراء والاعيان والنواب ويمر بالمؤسسات الحكومية المستقلة وشبه المستقلة ، ومن فيها من مدراء ومستشارين وخبراء ، وتسمع عن رواتب خيالية ، في بلد يعاني من قلة المال ، وينام بعض مواطنيه جوعى ، لان مؤونة يومهم غير متوفرة ، وقد تأتيهم الايام المقبلات ، بالاصعب.

خفض الرواتب يجب ان لا يكون مجرد رسالة الى الرأي العام ، من اجل تجميل صورة الحكومات ، بل يتوجب ان يأتي ضمن حزمة تشمل الجميع ، واجراءات التقشف يجب ان تكون حقيقية ، بحيث تراجع الحكومة كل الرواتب المتورمة لمستشارين ومن يسمون خبراء ، بالاضافة الى مراجعة كل العقود.

ليست قصة حسد وتحاسد ، ولا مشاعر طبقية خلف الكلام ، غير انها قصة "المواطن" الذي يتلظى بنار الفقر ، ولا يشعر بشراكة من بقية القطاعات ، ما بين من يعملون في الوزارات والمؤسسات المستقلة بعقود خيالية ، لا يبررها الحديث عن عبقريتهم ، خصوصا ، ان عبقريتهم في هذا الزمن لن تجلب لهم عقدا في الخارج بنصف قيمة عقودهم التي تؤمنها خزينة خاوية تتألم صباح مساء.

"الاردني" بت تراه يقف في المخبز وينتظر القرش المتبقي من ثمن الخبز ، ولا تستغرب حين ترى من في جيبه عشرات القروش الحمراء جمعها لشراء الخبز ، ومقابله من لا يفكر بالالف ولا الالفين ، واذا كانت نعمة الله على خلقه بادية ومتبدية ، فان خفض كثير من الرواتب لا يعني الاعتداء على حقوق اصحابها ، او السعي لاخراجهم من جنات الفردوس في هذا البلد ، ففي النهاية هذه اموال الناس يأخذونها بوجه قد لا يكون مكتمل المشروعية.

حزمة التقشف لا تكتمل حقا ، الا باجراءات على الارض تعيد لكل كفاءة ثمنها الحقيقي في السوق ، بدلا من انتفاخ الرواتب بسبب العلاقات الشخصية والواسطات ، واذا كانت الحكومة تطرح شعار التقشف فان عليها فتح ملف رواتب المستشارين والمؤسسات المستقلة والخبراء في كل الوزارات والمؤسسات.

بين الرواتب المتورمة والكفاءات المنفوخة والمنتفخة ، لا بد من وقفة ، مع هذا الذي يجري ، وهي وقفة على ما يبدو مقبلة على الطريق.