رمضان: أداة لإنتاج الاستبداد والخرافة
بانتظار رؤية مئات ملايين الصائمين المسلمين هلال العيد بالعين المجردة، سنبقى خاضعين لنظم ومجتمعات استبدادية تغيّب العقل، وتقتات على خرافات لا تُنتج سوى العبودية والخوف.
رجال الدين، الذين يرفضون رصد هلالي رمضان والفطر بالأجهزة الفلكية المتطورة، هم أنفسهم من يختلقون فوائد للصيام لا أساس علمي لها، ومنها علاجه لأنواع من السرطانات والروماتيزم والاكتئاب بالاستناد إلى دراسات غربية – كما جرت العادة- وعند البحث عنها لا نجد أي أصل لها إلاّ على ألسنة المشايخ.
من حقنا الاعتراض على جهلهم وإصرارهم المشبوه على ترويج الإسلام بطرق وأساليب غير منطقية لا يحتاجها المسيحي والهندوسي والبوذي لتبرير صومه، رغم امتلاكه من "الوجاهة" لتسويق معتقداته بما لا يقلّ عما لدى نظيره المسلم.
وقد يًصدم كثيرون إذا ما عرفوا أن رمضان كان شهراً مقدساً لدى العرب قبل الإسلام بنحو مئتي عام، وكانت بعض قبائلهم تصوم أيامه بتمامها، بحسب ما يورد عدد من الباحثين.
إحساسنا الدائم بأن الإسلام مستهدف هو محض وهم، والاستمرار بالدفاع عنه بوصفه متهماً، والإتكاء على فبركات تدّعي أن كل ما يتضمنه هو مثبت علمياً سيذهب بنا إلى مزيد من الانعزالية والتخلف.
يبدو طريفاً الحديث عن حِكَم الصوم في ظل تقارير الأمم المتحدة عن ملايين الجوعى في اليمن والصومال والسودان، وتتجلى المفارقة عند التدقيق بتصريحين سعوديين رسميين؛ الأول يحدد إنفاق المملكة بـ 5 مليارات دولار على الطعام في شهر الصوم، والثاني يشير أن 15% من سكانها فقراء.
ستون مليون عربي جائع وأكثر، ومليارات الدولارات تُهدر كل عام، بينما تفتخر حكوماتنا بمعاقبة مواطنيها إذا أفطروا نهار رمضان، وهو ما يعني استفزاز مشاعر الصائمين من "مفطر عابر"، وبرود أعصابهم حيال جوعى مقيمين في فقرهم.
تسقط بالممارسة الإدعاءات المتوارثة حول حكمة الصيام متمثلة بالشعور مع الفقراء والمساكين عبر تهذيب النفس وحرمانها من الملذات، إذ يفترض أن هذه المشاعر تستفز لمرأى أناس لا يجدون لقمة يقتاتونها، ولا تُستنفر اشتهاء لفعل تناول طعام يقوم به "مارق".
ولا يبقى من الصوم سوى أداة للقمع توظفها أنظمتنا لتلميع صورتها الدينية، حيث تمنع تناول الطعام والشراب في الأماكن العامة، وتُقفل محال بيع المشروبات الروحية والملاهي الليلية شهراً كاملاً في السنة.
ويُمنح الدعاة والشيوخ مساحةً أكبر لنشر ما يريدونه من أفكار وأحكام جاهزة حول المجتمع من غير رقيب ولا حسيب، وتكريس قاعدة أساسية تتلخص باحتكار الدين، وفق رؤيتهم، التي تحرّم مناقشة شؤونه من خارجها؛ أي خارج دائرتهم.
وتستثمر الشركات، كما السلطتين الدينية والسياسية، قلقَ الجوع الذي يصيب الصائمين، لإنتاج مسابقات ومسلسلات وبرامج رمضانية تشعرهم بـ"الأمان"، مقابل جني أرباح طائلة.
زمن يمضي وآراء عديدة يُحارب أصحابها لمجرد تشكيكهم بالرواية الرسمية للإسلام، التي تديم الاستبداد والتبعية، ونعيد "كرنفال" رمضان، كل عام، بفتاوى وقراءات دينية تهين المسلم وتلغي حرية تفكيره، وتستخف بالعلم الذي لا نجاة من دونه.
محمود منير: صحافي ومحرر "تكوين" في عمّان نت.