حوار هادئ في التعرفة المائية
اعادة هيكلة تعرفة المياه للاغراض المنزلية التي اقرتها الحكومة مؤخرا يبدو انها مبهمة وغير واضحة حتى الان في اذهان الغالبية العظمى من المواطنين, الذين يتوهون في خضم ارقام ونسب متفاوتة حول مقدار الزيادة الفعلية التي ستترتب عليهم اعتبارا من شهر تشرين الثاني المقبل, الذي تقرر ان يكون موعدا لاصدار فاتورة المياه شهريا بدلا من مقطوعيتها الربعية التي تصدر كل ثلاثة اشهر , وتعودوا على احتسابها من ميزانيتهم الاسرية منذ عقود من الزمن, واستقرت احوالهم على تحمل اعبائها من قبل الشرائح المحدودة الدخل التي لا تحتمل اضافات كبيرة ليست في الحسبان لاستهلاك الماء الذي لا يستغنى عنه اي كائن حي.!
حتى نصارح وزارة المياه والري, فان الشكوك لا تزال هي سيدة الموقف فيما يتعلق بالاجراءات الجديدة لاحتساب تعرفة المياه, حتى ان معظم المواطنين لا يعولون كثيرا على التصريحات التي تردد ان الزيادة الشهريه ستتراوح بين ستمئة فلس واحد عشر دينارا شهريا وفقا للاستهلاكات الدنيا او المتوسطة, التي تم تقديرها باقل من ستين مترا شهريا وتتراوح نسبة المشتركين منها بين 57.5% - 59.5% في العاصمة والمحافظات , لان الحد الاعلى للتعرفة التي تم اعلان برنامجها وتشمل 11 شريحة تحمل زيادات كبيرة قد تضاعف ما تعودوا على دفعه ثمنا للمياه.!
للمزيد من التوضيح زودنا احد المواطنين بآخر فاتورة تسلمها عن دورة الربع الثاني للعام الحالي 2010م التي صدرت قبل ايام وتشمل اشهر نيسان و ايار وحزيران, بلغت قيمتها خمسة وعشرين دينارا و 204 فلسات عن كمية استهلاك 65 مترا, نفس الكمية من المياه على التعرفة الشهرية الجديدة بموجب الجداول المقررة لاحتسابها تبين انها تقع ضمن الشريحة الرابعة التي يتراوح معدل استهلاكها الشهري بين 19-24 مترا مكعبا ويصل متوسط فاتورتها الشهرية مع الصرف الصحي الى ثلاثة عشر دينارا و 390 فلسا, اي ان المبلغ الاجمالي عن الثلاثة اشهر يزيد على اربعين دينارا بفارق خمسة عشر دينارا مره واحدة اي بنسبة زيادة حوالي ستين بالمئة لشريحة بسيطة اجمالا .!
الانطباع السائد لدى الشريحة الاوسع من مستهلكي المياه المنزلية ومن اصحاب الدخل المتدني والمحدود والمتوسط والذين يقدرون بنحو 77% من المشتركين انهم هم الذين سيتحملون اوزار التكاليف الاضافية على فاتوره المياه, لان اصحاب الدخل العالي لن يتأثروا فيها اصلا وقادرون عليها مهما بلغت, في حين انه لن تطرا ايه تغييرات على تسعيرة المياه لاغراض الزراعة والصناعة والسياحية, اضافة الى ان فرض رسوم بمبلغ 250 دينارا على برك السباحة لن يطال الكثيرين من اصحابها, لان تقديرات عددها غير معروفة الى الدرجة التي سيتم فيها الاستعانة بصورة الاقمار الصناعية لهذه الغاية, ما دامت امانة عمان التي تحوز على اكبر عدد منها لا تعطي ارقاما دقيقة عنها سوى انها قد تزيد على الالف ولا تصل الى 17 الفا.!
حالة عامة من عدم التيقن تحيط بقرار اعاده هيكلة تعرفة المياه وتحتاج الى مصارحة كاملة بحقيقة ما سيتحمله المواطنون جراءها, لان معظم المشتركين في انتظار الفاتورة الجديدة الاولى حتى يعرفوا ما سيتحملونه فعلا, ما دام الغموض ما يزال يكتنفهم بشأنها, وخشيتهم ان السبعة ملايين دينار التي سيتم توفيرها منها ستكون من الجيوب التي لا تتحمل المزيد من الزيادات على كل شيء, خاصة ان ثلاثة ملايين دينار منها ستذهب تكاليف لاصدار الفاتوره الشهرية.!