حكومة النسور وحكاية فنان من عصر النهضة

حكومة النسور وحكاية فنان من عصر النهضة
الرابط المختصر

ما جري طيلة الأيام التي أعقبت تولي رئيس الوزراء عبدالله النسور منصبه، وخصوصا ما يتعلق منه بالتصريحات التي تسبق رفع الأسعار، ينتمي بجدارة إلى الفن السوريالي.

فثمة تخبط حكومي، تحت وطأ ازدياد العجز في الموازنة وارتفاع المديونية وإملاءات البنك الدولي، وتأخر وصول المساعدات، تشفعها تصريحات متضاربة، حول قيمة الدعم الذي سيدفع، وتوقيته وطريقته.

تارة تسمع من مسؤولين حكوميين ان النية تتجه نحو توجيه الدعم إلى مستحقيه بمبالغ معينة لكل أسرة، ثم ترتفع تلك المبالغ أو تنقص في تصريحات اخرى، وتارة تسمع أن الدعم سيوجه إلى جميع فئات المجتمع دون استثناء، واخرى انه سيستهدف فئة يقل دخلها عن الف دينار، ورابعة ان 70 بالمائة من المواطنين سيستفيدون من الدعم، لدرجة أن تعزز شعور «غير صحيح طبعاً» بأن مبلغ الدعم سيفوق فرق سعر الغاز والبنزين والكاز وبقية السلع، وبالتالي «سيتنغنغ» الفقراء.

ويزيد من سوريالية المشهد، ان الحكومة اعلنت انها بصدد تطبيق مبدأ «الدفع قبل الرفع»، الذي ابتدعه طيب الذكر عبد الكريم الكباريتي، بطريقة تصان بها كرامة المواطنين، ثم تسمع عن إجراءات التقدم لطلب الحصول على الدعم، لغير موظفي الحكومة والعسكريين الذين سينزل الدعم على رواتبهم، فتتغير الصورة إلى نقيضها، بغير كثير عناء، إذ سيتعين على المواطنين الذهاب الى مراكز حكومية معينة لتقديم طلبات الحصول على الدعم، وتقديم ما يثبت حقهم به.

ويتضمن هذا الإجراء إرهاقا للمواطنين، وضياع وقت وجهد، ووقوفا أمام طوابير، وربما يعطل موظفون بيراقراطيون بعض المعاملات طلبا لأوراق ومستندات، بل يرى كثير من الناس في هذا الإجراء نوعا من «التسول» تجبرهم الحكومة عليه. يمكن للحكومة طبعاً أن تستعين بسجلات دائرة الدخل والضمان الاجتماعي، وتقوم بصرف الدعم للمواطنين بناء عليها، عبر مكاتب البريد او أية جهات اخرى، دون داع لتقديم طلبات وتجبنهم العناء.

يذكرني تصرف الحكومة بهذا الشأن بقصة فنان ايطالي من عصر النهضة يدعى «كوريجيو»، تعاقد مع احدى الكنائس على انجاز لوحة فنية، وحين انهاها لم تعجب اللوحة القائمين على الكنيسة وماطلوا في دفع تكاليفها، وعندما أصر على الحصول على اجره، دفعوا له المبلغ كاملا إنما بقطع نقدية صغيرة .

حمل كوريجيو كيسين يضمان المبلغ النقدي على ظهره، وحين كان يجاهد في النزول عن درجات الكنيسة، وينوء تحت ثقل حمله، أصيب بسكتة قلبية .. ومات!

السبيل

أضف تعليقك