حراك الانتخابات البلدية و"عرس الجيران"!

حراك الانتخابات البلدية و"عرس الجيران"!
الرابط المختصر

لم يعد يفصلنا عن يوم 27 آب (أغسطس) الحالي؛ موعد الاقتراع للانتخابات البلدية، سوى أقل من أسبوعين.

إلا أن المراقب لا يلمس حراكا انتخابيا حقيقيا بين الناس.

وباستثناء انشغال المرشحين، والحلقات الضيقة من المناصرين، بالأجواء الانتخابية والزيارات واللقاءات الدعائية، يبدو "عرس" الانتخابات "عند الجيران" بالنسبة لأغلبية المواطنين!

يُفترض بالانتخابات البلدية أن لا تقل أهمية وحيوية، من الناحية الديمقراطية والسياسية، عن الانتخابات النيابية، خاصة في حالة الانتخابات المرتقبة التي تأتي بعد انقطاع طويل، وتَعقّد ملف البلديات وأوضاعها المالية السيئة، وتردي الخدمات فيها بصورة لافتة، ما يُفترض معه أن تكون الناس معنية ومهتمة بالانتخابات التي ستُخرِج إدارات البلديات للمرحلة المقبلة، والمطلوب منها تقديم معالجات وحلول لأزماتها المركّبة.

الواقع على الأرض يعاكس المفترض! فالاهتمام الشعبي، بل حتى الحزبي والسياسي، كما ربما الحكومي إلى حد ما، بالانتخابات البلدية يبدو في أقل مستوياته، ولا يرتقي إلى ربع الاهتمام بالانتخابات النيابية.

وهذه ظاهرة تستوقف المتابع، وتطرح أكثر من سؤال.في باب التفسيرات لظاهرة الفتور تجاه الانتخابات البلدية، يمكن إيراد عدة أسباب واجتهادات تحليلية، قد يكون منها أن العرف الشعبي والاجتماعي، وحتى النخبوي، يضع دائما الانتخابات النيابية والمنافسة فيها في مرتبة متقدمة على "البلدية"؛ فكرسي النيابة لا يدانيه، طمعا وإغراء اجتماعيا وسياسيا، إلا كرسي الوزارة، عند النخب بأشكالها!

ما ينعكس على حجم الاهتمام الشعبي والسياسي والحزبي بهذه الانتخابات.كذلك، تبدو تجارب الناس وانطباعاتها العامة والشخصية، في كثير من الأحيان، سلبية بشأن العمل البلدي؛ نظرا لحجم الفساد والترهل في عمل البلديات، وتراجع خدماتها الذي يلمسه المواطن ليل نهار.

فيما أزكمت رائحة ملفات فساد كبيرة في بعض البلديات الكبرى الأنوف بدون تحقق المحاسبة. كما تعود صور ودعايات بعض أبطال تلك الملفات لتملأ الشوارع والأحياء، ما يرسّخ انطباعات كثير من الناس، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة، بعقم العملية الانتخابية، وعدم قدرتها على تغيير واقع الحال بسلبياته وفساده.

لا يمكن أيضا إغفال أهمية مقاطعة هذه الانتخابات من قبل الحركة الإسلامية، وهي التنظيم الأوسع انتشارا وفعالية انتخابيا، تحديدا في المدن والبلديات الكبرى، كعمان والزرقاء وإربد والسلط والرصيفة وغيرها، ما ينعكس في انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، خاصة في المدن الكبرى، وفتور أجواء الحماسة السياسية تجاهها.

يبدو الوضع الاقتصادي والمعيشي العام أحد أبرز الأسباب وراء حالة الفتور تجاه الانتخابات البلدية المقبلة، خاصة في ظل قرار رفع أسعار الكهرباء الأخير، بالتزامن مع التحضير لـ"عرس البلديات"، وقبله بقليل رفع ضريبة "الخلوي"، وغيرها من تراكمات أودت بالأوضاع المعيشية والاقتصادية لغالبية الناس، ما انعكس وينعكس في حالة عزوف وسلبية تجاه الانتخابات والمشاركة السياسية.

الراهن، وفي ظل هذه المقدمات والأجواء، أنه يبدو من عدم الذكاء توقع تحقق نسبة مشاركة جيدة أو مقبولة في الانتخابات البلدية المقبلة، خاصة في المدن والبلديات الكبرى التي يتواضع فيها البعد العشائري والقرابي في رسم الاصطفافات الانتخابية.

المثير في هذا السياق، أن ثمة انطباعا لدى بعض المراقبين بأن الاهتمام الحكومي والرسمي بالانتخابات البلدية ورفع نسبة المشاركة فيها، لا يبدو متوفرا أو فاعلا. وهي قضية قد تحتاج لعودة أخرى في مقال آخر.

الغد

أضف تعليقك