حديث التعديل الوزاري
توجد ظروف سياسية استثنائية تدفع الدول لتغيير سريع في سياساتها الداخلية، ونحن في الأردن نشهد مثل هذه الظروف منذ سنوات، والمتابع لا ينكر أن الأردن يتجاوب بإيجابية مع مثل هذه الحالات الاستثنائية، حيث شهدنا تغيير حكومات، وحل مجلس نواب وتغييرات جذرية في مواقع سياسية كثيرة، وظهرت دعوات سياسية على كل المستويات بوجوب التغيير، وقد تم إنجاز تغييرات مهمة في التشريعات كان أبرزها رأي المجلس العالي لتفسير الدستور، وهو رأي بمثابة تعديل على الدستور، كما تعلن الحكومات تباعا عن تغييرات في سياسات كنا نعتقد أنها محكومة باتفاقيات دولية، كاتفاقية التجارة الحرة واتفاقيات السوق الكثيرة، لكن تصريحات رؤساء الوزراء والرسميين الآخرين، تفيد بأننا قطعنا شوطا فعلا على طريق التخلي أو الخلط بين سياسة السوق المفتوحة ومفهوم الدولة الراعية، قياسا الى ما فعلته دول كبرى بسبب الظروف الاستثنائية الاقتصادية والسياسية..
وفي آخر التوجيهات الملكية، ظهر واضحا من خلال رسائل وخطابات وتصريحات جلالة الملك، أن المسؤول في الحكومة سواء كان وزيرا أو غير ذلك، مطلوب منه القيام بدوره بمسؤولية، وكانت هناك إشارات كافية إلى أن المسؤول الذي لا يقوم بدوره على الشكل المناسب والمتوافق مع سياسات الاصلاح ومحاربة الفساد والترهل، وتحقيق الانجاز الملموس، يستطيع مغادرة موقعه.
يسود حديث «خافت» عن تعديل وزاري وشيك على حكومة معروف البخيت، ولن يكون غريبا مثل هذا التعديل، حيث جاءت الحكومة نفسها بعد منح الثقة لحكومة لم تستطع الاستمرار أكثر من شهرين، بسبب استثنائية الظرف السياسي، ومثل هذا التعديل سيكون منطقيا ومتوافقا مع التوجهات الأردنية الديناميكية المواكبة للحدث، الذي تؤثر فيه بل تصنعه غالبا حركة الشارع الأردني الواعي.
يجري الحديث عن وزارات بعينها، سيتم التعديل على حقائبها، نظرا لعدم تناغم أداء الوزراء فيها مع أداء الفريق الحكومي، ونظرا للاحتجاج الواضح أو المستتر، الذي ورد الى صانعي القرار على هيئة تلويح وزراء بالإستقالة، رفضا لأداء بعض الوزراء في الفريق الحكومي، أو على شكل نصائح وملاحظات، أو من خلال وسائل الإعلام، فإن النية سليمة بإجراء تعديل على حكومة البخيت في الأسابيع القادمة. ويبدو ايضا منطقيا وصحيا وصحيحا أن تتناول وجبة التغييرات «الصحية» بعض المواقع الأخرى، خصوصا المؤسسات الحكومية وشبه الحكومية التي لها مساس بحياة الناس اليومية، وتتعامل مع شريحة واسعة من الشعب، كالجامعات وغيرها، وهي المؤسسات التي وردت عنها إشارات في خطابات ورسائل جلالة الملك الأخيرة.
الرشاقة في الأداء الحكومي والشفافية والصراحة، والسرعة والإقناع، هي الصفات المطلوبة في أي وزير من فريق الحكومة، وإشارة إعلامية أو شعبية واحدة على عدم فعالية وزير أو مسؤول ما تكفي لإعادة النظر في وجوده ضمن أعضاء الفريق الحكومي، وهذه إشارة نوعية قوية وردت في رسالة جلالة الملك لحكومة البخيت، وهي ربما وصلت الى رئيس الوزراء وشرع في ترجمتها منذ وصولها، لكنها ربما لم تصل بعد الى بعض أعضاء فريقه ومن الطبيعي أن يتأخر وصولها الى مسؤولين آخرين، ما زالوا يصرون على الصمم عن الصخب والضجيج الذي يطغى على كل الأصوات.
الدستور