جولات الرفاعي بين الصحف

جولات الرفاعي بين الصحف

لا يمكن قراءة التوتر الحاصل في صحيفة 'الغد' اليومية الاردنية بعد الخلاف بين الناشر محمد عليان واسرة التحرير بقيادة موسى برهومة الا في سياق الهزات الارتدادية الصغيرة الناتجة عن البرنامج الاقتصادي الاصلاحي الصعب الذي اعلنته حكومة الرئيس سمير الرفاعي وانتهى برفع الاسعار والضرائب.

ورغم عدم وجود صلة مباشرة بين ضرائب الحكومة وما حصل في صحيفة 'الغد' الا ان المنطق الذي طرحه الناشر وهو يتحدث لأسرة الصحيفة قبل الاطاحة بعميدهم يعكس دلالة يمكن ان تكون رابطة، فقال عليان ان صحيفته وهي يومية مستقلة تمتعت بالمكانة الاعتبارية بين خيارين لا ثالث لهما هما التغيير في قيادة التحرير او التوقف عن الصدور.

بطبيعة الحال لم يتقدم عليان بايضاحات وتفسيرات، لكن الانطباع العام بان المسالة مرتبطة بحساسية المرحلة والصعوبات التي تواجهها الحكومة في اقناع مؤسسات الاعلام بالوقوف معها في مرحلة معقدة اصلا عنوانها الاعتماد على الذات وتخفيض عجز الميزانية المالية ذاتيا، وهي عبارة لا تعني الا حقيقة واحدة وهي 'جيوب المواطنين'.

اذا على نحو او آخر شكلت بعض المقالات الحادة التي تصدت لبرنامج الحكومة في صحيفة 'الغد' مبررا اضافيا لا يكفي وحده لإحداث التوتر المستمر منذ يومين في صحيفة اردنية اثارت اصلا الكثير من الجدل.

لكن تلك وحتى في الحسابات الحكومية لن تشكل الامتداد الطبيعي الوحيد المرصود او المتوقع كتداعيات لتوجه الحكومة الاقتصادي الذي يتعامل بجرأة ومسؤولية مع مستجدات الحاجة المالية والاقتصادية.

ومن الواضح ان الحكومة تنبهت مبكرا لخطورة التعبيرات الصحافية فيما يتعلق باجراءاتها الاقتصادية خصوصا بعدما اضطرت لمجاملة الحراك التعليمي مع سياسة الاحتواء قبل ان يبدأ حراك المحامين تحت عنوان التصدي لتغول السلطة التنفيذية ممثلة بوزير العدل ايمن عوده على السلطة القضائية.

وفي هذا السياق لا تستبعد بعض المصادر ان الجهات الرسمية وجهت رسالة شديدة الحساسية لناشر صحيفة 'الغد' محمد عليان الذي يرتبط بصلات رسمية لا يمكن تجاهلها حول صعوبة الاوضاع وحراجة الموقف مع صعوبة التصديق بان الحكومة تتدخل وتضغط، فمع ناشرين من طراز عليان يكفي التلميح ولا حاجة للتصريح بسبب طبيعة المصالح الحيوية للرجل في السوق.

وفي السياق نفسه زار رئيس الوزراء قبل ثلاثة ايام مؤسسات صحافية يومية من بينها 'الدستور' العريقة، كما زار صحيفة 'الرأي' الرسمية وبقيت صحيفة 'العرب اليوم' التي انتقدت بشدة اجراءات الحكومة الاخيرة في البعد المالي.

وثمة من يعتقد من المحللين بأن التغيير في صحيفة 'الغد' اذا ما كان للحكومة يد فيه لا يتجاوز كونه رسالة لبقية الصحف تلفت النظر لان الحكومة قد تقبل النقد لكنها ليست في مزاج او وضع يسمح لها بتقبل الحملات المتكررة او التحريض على اجراءاتها الاقتصادية، وفي صحف مثل 'الدستور' و'الرأي' يمكن القول ان الرسالة تصل بهدوء لاهدافها خلافا للوضع في صحيفة 'العرب اليوم'.

بكل الاحوال الراي العام يميل الى تفهم الاجراءات الحكومية حتى الآن لكن بعض الهزات الارتدادية لا بد ان تحصل وتحديدا عندما يكتشف المواطن فروقات المعيشة التي حصلت معه مع ضائقة اقتصادية قائمة اصلا، وهي ارتدادات عصبية يفترض ان الحكومة قادرة على احتوائها مع معادلة ابعاد الضرر قدر الامكان عن الفقراء وذوي الدخول المحدودة جدا.

القدس العربي

أضف تعليقك