"جهاديونا" (2-1)

"جهاديونا" (2-1)
الرابط المختصر

أعلن التيار "السلفي الجهادي" في الأردن، مؤخّراً، عن مقتل أحد أبنائه في سورية، ممن يقاتلون مع "جبهة النصرة" في درعا. شاب يبلغ من العمر 24 عاماً، وهو الجهادي الـ17 الذي يُقتل في سورية، من مدينة معان وحدها.

ووفقاً لأبرز القياديين الجهاديين في المدينة، أبو سياف، فإنّ عدد الأردنيين في سورية وصل إلى 1500 شخص، أغلبهم بالضرورة من جيل الشباب؛ في عقد العشرينيات، وبعضهم أصغر من ذلك. ويتوزّع "المتطوعون" بين محافظات المملكة المختلفة؛ من معان إلى السلط وعمّان إلى الزرقاء والرصيفة. لكن المؤشّر الجديد يتمثّل في العدد الكبير من مدينة إربد ومن مخيم اللاجئين فيها، كما يشير أصدقاء لنا في المخيّم!

لا تقتصر هذه القضية الخطرة على المشاركين، فعلياً، في القتال السوري. إذ إنّ أحد المشاهد المحزنة في أروقة محكمة أمن الدولة، خلال مراقبة القضايا الخاصة بـ"الإسلاميين الجهاديين"، هو ذلك العدد الكبير من الشباب الأردني الذي يقف وراء القضبان، ينتظر الأحكام المتعلّقة بانضمامه إلى القتال في سورية مع إحدى الجماعات المحسوبة على خط "القاعدة" هناك، مثل جبهة النصرة وتنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش)، أو محاولة التسلل عبر الحدود!

لا يوجد رقم مؤكّد عن عدد الذين يُحاكمون على خلفية هذه القضايا. لكن وفقاً لمصادر داخل التيار ومحامين يتولّون الدفاع عنهم، فهنالك أكثر من مائة ما بين معتقلين ومحاكمين ومن يحاكمون حالياً.

المؤشّر الآخر، المهم، هو أنّ الشخصيات التي تمتلك حضوراً نافذاً في التنظير والتأثير داخل تلك الجماعات المحسوبة على "القاعدة" أو على السلفية الجهادية، هي شخصيات أردنية؛ إذ دعا أمير جبهة النصرة، أبو محمد الجولاني، إلى تحكيم كلّ من عمر محمود (أبو قتادة الفلسطيني) وعصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) في النزاع الدائر بين "الجبهة" و"داعش". والمفارقة أنّ الشخصين المذكورين في السجون الأردنية.

ليس هما فحسب، بل هنالك مجموعة من الشخصيات الأردنية المؤثّرة، ممن ليست محسوبة بصورة مباشرة على هذا التيار، وهي أقرب إلى الجانب الفكري، لكنّ أراءها ومواقفها مؤثّرة تماماً فيما يحدث في سورية، مثل الدكتور إياد القنيبي، والدكتور أكرم حجازي.

حتى في أرض الميدان في سورية، فإن الأردنيين هناك يمتلكون تأثيراً ومواقع مهمة في جبهة النصرة و"داعش" و"أحرار الشام"؛ فالقيادات الميدانية للنصرة في الجنوب أردنية (مثل المدعو أبو جليبيب وأبو أنس الصحابة). وأحد أهم المراجع الشرعية لدى النصرة هو دكتور أردني، سامي العريدي. بينما هناك أسماء متعددة في مواقع مهمة في "داعش"، أغلبها من مدينة الزرقاء!

تبدو المعضلة الحقيقية، هنا، أنّ هؤلاء الشباب يذهبون للقتال مع جماعات تحت شعارات وأفكار تقوم على مبدأ الصراع العقائدي والطائفي، وترفض الديمقراطية والتعددية؛ ما يختلف مع جوهر القيم والمطالب التي تأسست عليها الثورة السورية الشعبية نفسها في البدايات.

مؤشرات الصراع في سورية تذهب نحو امتداده أعواما مقبلة، مع تعذّر الحسم العسكري من جهة، والاستعصاء السياسي من جهة أخرى. وفيما تدخل الثورة السورية العام الرابع، فإنّ التوقعات بأعوام جديدة ومراحل أكثر تعقيداً، ما يعني أمرين رئيسين:

الأول، أنّ هناك نسبة متزايدة من الشباب الأردني سينخرطون في هذا الصراع، وأن تأثيراته ستمتد إلى الأردن.

الثاني، أنّ جغرافية الصراع ستتمدّد إلى الجوار، وسينتشر "الفكر القاعدي" متغذياً على الفوضى والنزاع الطائفي وحالة الإحباط العام في أوساط المجتمعات السنية والسوريين والشباب المتحمّس.

الأهم من هذا وذاك، هو ذلك "المجتمع الجهادي" الذي ينمو ويكبر في أحشاء المجتمع الأردني، متعانقاً مع تجليات الثورة السورية، ويمتلك اليوم قيادات وأسماء بارزة، وشبابا متحمسين، فما العمل؟..

الغد