ثلاثة تداعيات لأحداث مصر على الأردن

ثلاثة تداعيات لأحداث مصر على الأردن
الرابط المختصر

من السابق لأوانه محاولة تقييم تأثيرات الأحداث المتلاحقة في مصر على المشهد السياسي الأردني، خاصة مع التسارع الشديد في التطورات في مصر وتغير قواعد الصراع واستبدال مواقع الجاني والضحية خلال ساعات محدودة وحسب قدرة أي طرف على استخدام الميديا. النشوة الأولية لمناهضي مرسي بعزله انتهت وبات الاخوان الآن في موقع القيادة بعد كارثة الحرس الجمهوري وخاصة إذا تحول اعتصام رابعة العدوية خلال شهر رمضان المبارك إلى ساحة للاستعراض الديني والسياسي الجذاب.

لكن من حيث القرارات الأولية يمكن استخلاص ثلاثة توجهات رئيسة قد تؤثر على المشهد السياسي الأردني وخاصة أن التركيبة الفكرية والتنظيمية لاخوان الأردن قريبة جدا من اخوان مصر في غياب المرونة السياسية والتركيز على لعب دور الضحية والجاهزية العالية للتصعيد وعدم الحوار.

السؤال الأول الذي ظهر بعد أحداث 30 يونيو هو “هل يستفيد اخوان الأردن من الدرس المصري”؟ وهذا كان يتعلق في سياسة اخوان مصر في الاقصاء السياسي ومحاولة فرض نمط تفكيرهم على المجتمع إضافة إلى سوء إدارة الدولة مما حدا بحوالي 20 مليون مصري في أكثر التقديرات واقعية إلى الخروج إلى الشوارع. رد فعل قادة الاخوان الأردنيين في الساعات الأولى اثبت عدم استيعاب اي درس بل التركيز على وجود “مؤامرة خارجية” وانقلاب على الشرعية...الخ وهذا يدل على أن اخوان الأردن مثل اخوان مصر، وبعكس اخوان تونس غير قادرين على المرونة واستيعاب الرأي الآخر وتقدير قيمته وهذا مؤشر خطر جدا في حال تمكنوا في يوم ما من المساهمة في صناعة القرار السياسي في البلاد!

التأثير الآخر يتعلق بصناعة القرار الرسمي حيث كان هنالك مسحة من التفاؤل بأن “لحظة الحقيقة” التي قدمها الشعب المصري في رفضه لحكم الاخوان وتدهور شعبيتهم قد تكون مناسبة للبدء في مسار اصلاحي منفتح في الأردن يتحرر من “بعبع الاخوان” ويتعامل معهم كتيار سياسي ذي تأثير محدود ولكن المشكلة أن رد فعل الجيش وما حدث في مذبحة الحرس الجمهوري أعاد الاخوان إلى موقع القيادة وموقع الشعبية والتعاطف ولا شك أننا بحاجة إلى الانتظار قليلا لمعرفة تطورات الاحداث في مصر. في السياق العام لا بد من المضي بمسار الإصلاح إلى نهايته بغض النظر عن النتيجة النهائية للدراما السياسية المصرية ولكن مع اختيار التوقيت المناسب لعمليات التحول.

التأثير الثالث يتعلق بالقناعات السياسية والاجتماعية. مع اصطفاف معظم المؤمنين بدولة مدنية ديمقراطية إلى جانب “الانقلاب العسكري-الشعبي!” في مصر فإن المواجهة ما بين الفكر الديني والفكر العلماني-المدني سوف تزداد. لائحة مؤيدي الأخوان لا تقتصر فقط عند المرتبطين بهم تنظيميا ولكن عند فئة كبيرة من المواطنين والنشطاء والمثقفين الذين يدعمون توجه الدولة الدينية -على الأقل في مصر في هذه الفترة!- مقابل من يعلن عن موقفه ضدها. هذا التأثير مفيد لأنه سيطرح القضية بشكل صريح في المجتمع ووسائل الإعلام وسوف يشجع الناس على اتخاذ المواقف التي يؤمنون بها وإعلانها والنقاش بشأنها. من الواضح ان النقاش حول الدولة الدينية والمدنية وحول الإسلام السياسي والعلمانية سيأخذ مدى واسعا في العالم العربي ومنه الأردن وهذا مفيد.

في المحصلة من المهم لنا، كشعب أقصى ما فعله من ممارسات ديمقراطية انتخاب أعضاء مجلس النواب وحسب قانون يفصل لك خيارا من أصل 10 في دائرة ضيقة، من الأفضل لنا أن نحترم خيارات الشعب المصري وندعو لهم بتجاوز هذه الأزمة بأقل الخسائر وأن ندرك الأخطاء ولا ننقلها إلى الأردن.

الدستور

أضف تعليقك