تمكين ديمقراطي "للفرجة"

تمكين ديمقراطي "للفرجة"

أهمس بالحكاية التالية في أذن الدكتور عمر الرزاز: فقد حضرت ذات يوم اجتماعاً عاماً عقدته إحدى العشائر الكبرى بهدف إجراء الانتخابات الداخلية لفرز "مرشح إجماع" للانتخابات النيابية.

امضيت مع المجتمعين عدة ساعات، والتقيت فيمن التقيت، مع مجموعة طلاب جامعيين من أبناء العشيرة يدرسون في إحدى الجامعات، وقد أجريت معهم حواراً طويلاً معمقاً حول شتى شؤون المجتمع المحلي والعشيرة والبلد ككل.

في سياق إجاباتهم على أسئلتي، قالوا لي إنهم سينقلون خبر اجتماع العشيرة الى زملائهم وأصدقائهم في الجامعة باعتباره حدثاً مهماً يفتخرون به، فهو يعني التأكيد على وحدة عشيرتهم، وقالوا إنهم عادة ما يعقدون اجتماعات خاصة لطلاب العشيرة بهدف الخروج بمرشح إجماع في انتخابات مجلس الطلبة، وإنهم يعقدون تحالفات مع ابناء عشائر ومناطق أخرى بهدف تبادل الدعم في الكليات، وإن ذلك يتم بشكل علني ومكشوف.

في هذه الأثناء تلقى المتحدث الرئيسي بينهم، مكالمة ردّ عليها بسعادة، وعندما انتهت، قال لزملائه إنه أُبلِغ بالموافقة على عضوية إحدى اللجان العليا لهيئة شباب "كلنا الأردن". كان هذا الطالب هو عضو العشيرة المنتخب في مجلس طلبة الجامعة، وقد تم اختياره قيادياً في هيئة شباب كلنا الأردن.

سألته كيف يكون محتوى مشاركته كممثل للعشيرة عندما يحضر في اجتماع لهيئة "وطنية"، فاستغرب سؤالي وقال: في كل اجتماع اتحدث بما هو مطلوب.

تذكرت هذه الحكاية بالأمس وأنا أقرأ عن إطلاق برنامج جديد باسم "التمكين الديمقراطي" بإشراف الجهة ذاتها (صندوق الملك عبدالله الثاني) التي أشرفت على هيئة شباب كلنا الأردن، والتي كانت تطرح أهدافاً مماثلة الى حد ما، لأهداف البرنامج التي أعلن عنها رئيس هذه الهيئة الدكتور عمر الرزاز.

هناك خلل حقيقي في منهج السعي لخلق نخبة شبابية "معاصرة"، تنجح في خلق وهم بصحة تمثيلها لباقي جمهور الشباب. إن البرنامج الجديد يركز على مسألة "الهوية الوطنية الجامعة"، وهذه النخبة الشبابية نجحت وقد تنجح مجدداً، في إتقان "التعبير" عن الهوية الوطنية الجامعة مع مواصلة قيادتها وتعزيزها لباقي الهويات ضماناً لبقائها في مركزها المكتسب، وذلك في ظني أخطر أنواع الازدواجية التي تهدم، حتى أضيق الهويات.

بالطبع لا يعني ذلك لوماً لهذه النخبة الشبابية على مستوى الأشخاص، فقسم منهم يتحلى بالأخلاق والنباهة، غير أنهم لا يرون أي تناقض في مسلكهم، وتلك بحد ذاتها مشكلة.

العرب اليوم

أضف تعليقك