تلوث سيل الزرقاء في انتظار الخيَال

 تلوث سيل الزرقاء في انتظار الخيَال
الرابط المختصر

سيل الزرقاء لا يزال يشكل بؤرة تلوث ساخنة لا تجاريها في الخطورة البيئية أية بقعة اخرى من هذا النوع، رغم أن العقود الاخيرة قد حفلت بمشاريع عديدة تهدف الى إعادة تأهيله في مواقع مجراه الآهلة بالسكان على مدى اكثر من سبعين كيلومترا، من أجل تخليصه مما يصب فيه من مخلفات المصانع والمشاغل الحرفية المنتشرة في كل مكان على ضفتيه وغيرها من المياه العادمة التي تصل الى حد المجاري، لتجعل من مياهه خليطا من الالوان القاتمة التي تعافها النفس من شدة روائحها الكريهة!

بعض هذه المشاريع تم الاعلان على أنها ممولة من الخارج على شكل مساعدات بيئية والبعض الآخر من مخصصات تكاد ترصدها موازنات الدولة كل عام على وجه التقريب لإنهاء حالة تلوث سيل الزرقاء المزمنة، إلا أنها ضاعت حتى الآن في دهاليز لا قرار لها لا ترتبط بحماية البيئة من قريب أو بعيد، بينما يعاني السكان المحيطون به ممن يقدرون بمئات الآلاف من حظهم العاثر الذي شاء لهم أن يقطنوا على مقربة منه، ومنهم على سبيل المثال حوالي نصف المليون نسمة في الرصيفة وحدها وغيرهم الكثير من التجمعات السكانية الاخرى المنتشرة على جوانبه.

ربما تكون بعض التحسينات قد طرأت على مواقع محدودة من مجرى السيل لكنها لا تكاد تذكر ما دامت الملوثات التي تصب فيه على حالها بل تزداد من ناحية الكم والكيف معا، مما ينهال عليه مما هبّ ودبّ من ملوثات مختلفة الاشكال والالوان، لا تجد لها مستقرا سوى في سد طلال الذي باتت نصف مياهه التي يتم تجميعها والمقدرة بعشرات الملايين من الامتار المكعبة سنويا غير صالحة للري أو غيره، مع أن موسم امطار العام الحالي كان فرصة بمعدلاته المرتفعة نسبيا لتخليصه من بعض ما يعلق فيه من رواسب شديدة الضرر، إلا أن الحال بقي على ما هو عليه وكأن شيئا لم يكن.

يبدو أن المواطنين الذين يعتبرون تلوث سيل الزرقاء هو ابتلاء لهم رغم انوفهم، ربما يرددون هذه الايام الاغنية الشعبية الاردنية الفائقة الشهرة مع بعض التحوير لكلماتها والتي تقول "يا خيال الزرقاء خذني معاك لسيل الزرقاء" وهم ينتظرون أن تعود وزارة البيئة مرة اخرى في الحكومة الجديدة بعد أن كان مقررا لها أن تختفي تماما في إعادة الهيكلة الوزارية، نتيجة اقتناع متأخر عن أوانه في أن الضرورة القصوى تفرض الحفاظ على استقلاليتها دون الحاقها بغيرها، حتى لو كانت مهمتها الوحيدة هي تخليص البلاد والعباد من شرور السيل الزرقاوي البيئية التي بقيت تستعصي على كل الحلول منذ زمن بعيد!

لمن لا يعرف فإن سيل الزرقاء الذي يبلغ طوله سبعة وسبعين كيلومترا على وجه التحديد يبدأ سريانه من حي القيسية ووادي عبدون والمحطة وعين غزال في العاصمة، ليصل الى الرصيفة ملتقيا مع سيل ياجوز متحدا معه مرورا بمدينة الزرقاء وسيل وادي الحجر متجها الى السخنة والخربة السمرا ووادي الظليل، ومن ثم يتجه الى طواحين العدوان في منطقة بيرين ليلتقي مع سيل جرش وينتهي مصبه في سد الملك طلال.. ولكم أن تتخيلوا مصائب اهالي هذه المناطق الواسعة إذا ما بقيت الحكومة ووزارتها للبيئة متجاهلة المخاطر والاضرار التي يتعرضون لها كل يوم من تلوث بيئي قياسي.

 العرب اليوم

أضف تعليقك