تغيير المواقف بتغيير المواقع

تغيير المواقف بتغيير المواقع
الرابط المختصر

بعد نيف وأربعين يوما، أزال الصحفيون خيمة الاعتصام بعد أن زارها رئيس الوزراء عبدالله النسور أول من أمس، وقال كلاما طيبا ينتظر الإعلاميون تطبيقه، بعدم اللجوء إلى إغلاق المواقع الإلكترونية إلى حين انتخاب البرلمان المقبل وتعديل قانون المطبوعات والنشر.

الرئيس أعاد التذكير بأنه عارض القانون الذي أُقر في الدورة الاستثنائية لمجلس النواب. واستعاد حديثا للملك الراحل الحسين حول ذاك النفر من الناس الذين يغيرون المواقف بتغيير المواقع، قائلا إنه ليس منهم.ليس هناك مجال واسع لامتحان ثبات الرئيس على المواقف المبدئية والنزيهة التي أخذها أثناء نيابته الأخيرة، وحققت له شعبية وسمعة طيبة.

فبالنسبة لقانون المطبوعات والنشر، قال إنه عارض بشدة طرحه على مجلس النواب (وللحقيقة، ركز على اعتراضه على التوقيت وليس المضمون).

. لكنه أوضح أن القانون أصبح أمرا واقعا واجب التطبيق ولا مجال لتعديله، لأن الحكومة لا تستطيع، وفق التعديلات الدستورية، سنّ قوانين مؤقتة. وليس أمام الصحفيين سوى ممارسة الضغط على المرشحين وإلزامهم بموقف من القانون من أجل تغييره في البرلمان المقبل.وعلى غرار قانون المطبوعات، كان النسور قد عارض قوانين أخرى أُقرت وأصبحت واجبة التنفيذ ولا يملك تغييرها، وفي مقدمتها قانون الانتخاب. لكن في التطبيق، يمكن للرئيس أن يُظهر التزاما بروح المواقف السابقة التي اتخذها، ولا يرضى تغييرها بانتقاله إلى موقع رئاسة السلطة التنفيذية.ولنبدأ بقانون المطبوعات نفسه؛ فهو يعطي السلطة التنفيذية، من خلال مدير المطبوعات والنشر، حجب أي موقع إلكتروني لا يبادر إلى ترخيص نفسه.

وتستطيع السلطة التنفيذية التخلي طوعا عن هذا الحق. هذا مع العلم أن أي موقع يمكن أن يخضع للمساءلة القانونية والإحالة إلى القضاء وفق قانون المطبوعات نفسه وقانون العقوبات وأي قانون آخر.

ويمكن للقضاء فرض غرامات ثقيلة بدون اللجوء إلى إغلاق الموقع المرخص، وهو إجراء يشابه إغلاق صحيفة، وقانون المطبوعات لم يصل أبدا إلى النص على إغلاق صحيفة ولا حتى بقرار قضائي.بشكل عام، يستطيع الرئيس، وضمن الهامش المتاح، أن يقدم أداء يظهر فيه منسجما مع الخط الذي سار عليه حين كان نائبا.

وزيارته لخيمة الصحفيين القائمة منذ أربعين يوما، بصحبة وزيري الإعلام والتنمية السياسية، هي بحد ذاتها نموذج؛ فقد كان الرئيس زار الخيمة نائبا معارضا للحكومة السابقة ولقانون المطبوعات.

وفي الجانب الاقتصادي، نعرف أن الحكومة السابقة رتبت مشروعا محددا لرفع الدعم عن السلع. والرئيس يستطيع أن يعمل وفق رؤية أكثر تحررا، خارج الوصفة التقليدية لصندوق النقد الدولي. وفي غياب البرلمان، يستطيع الرئيس أن ينفتح على الفعاليات والخبراء والرأي العام، وأن يقدم خططا أكثر التزاما بالمصالح الشعبية.

ويمكن للحكومة أن تُظهر حزما ومثابرة في متابعة قضايا الفساد، ونقدر مثلا إنجاز مشروع قانون الكسب غير المشروع الذي يشكل أداة رئيسة لمكافحة الفساد، طالما طالبت به القوى الاجتماعية والسياسية والنيابية، ومنهم الرئيس نفسه.

الغد