تسخين للأجواء في انتظار قرارات اقتصادية قاسية
p dir=RTLفيما يبدو الفتور الحكومي واضحا عند الحديث عن أدوات الإصلاح السياسي، وتحديدا تجاه قانون الانتخاب، في ظل ما يتردد عن التراجع إلى صيغة الصوت الواحد على مستوى الدائرة الانتخابية؛ يجري حاليا تسخين الأجواء، والتمهيد لقرارات اقتصادية ومالية تستعد لها الحكومة الانتقالية، لـإنقاذ وضع المالية العامة للدولة./p
p dir=RTLثمة وعي رسمي وحكومي بصعوبة الإقدام على اتخاذ قرارات اقتصادية غير شعبية، من قبيل رفع الدعم عن بعض السلع أو رفع أسعار مواد أساسية، في ظل الأوضاع المعيشية المتردية للغالبية الشعبية، وتدهور قدرتها الشرائية، والأهم هي الخشية من التداعيات السياسية والأمنية لمثل هذه القرارات، خاصة في ظل سيادة ثقافة الاحتجاج الشعبية وحالة الاحتقان السائدة./p
p dir=RTLولم يكن غريبا، في هذا السياق، التصريح العجيب لوزير الصناعة والتجارة، شبيب عماري، قبل أيام، بأن موعد رفع الدعم عن بعض السلع يرتبط بتوفر فترة هدوء سياسي نسبي./p
p dir=RTLلا يمكن للحكومة أن تراهن، في المدى المنظور، على توفر مثل هذا الهدوء السياسي لتمرير قرارات رفع الأسعار، على الأقل خلال عمرها؛ أي عمر هذه الحكومة باعتبارها انتقالية./p
p dir=RTLلذلك، نعتقد أنها ستتجاوز قصة الهدوء السياسي النسبي، في ظل ما تتحدث عنه من مقدمات حول تزايد صعوبة أوضاع المالية العامة وتفاقم العجز، وضرورة اللجوء إلى إجراءات اقتصادية ومالية قاسية./p
p dir=RTLتذهب التصريحات والإيماءات الحكومية والنيابية، إلى أسعار المحروقات والكهرباء، وبعض السلع الكمالية، باعتبارها هدفا للرفع المرتقب، فيما يريدنا رئيس الوزراء الدكتور فايز الطراونة، أن نطمئن إلى أن الرفع المقبل لن يصيب الشريحة الفقيرة ومتوسطة الدخل، وأنه لن يطال الغاز وكاز الفقراء./p
p dir=RTLقد لا يختلف أحد مع الحكومة على تشخيص صعوبة الأوضاع الاقتصادية والمالية للدولة، وانكشاف الموازنة العامة أمام الارتفاع المطرد للعجز في ظل محدودية الإمكانات والموارد، لكن ثمة بث لافت للسوداوية عند الحديث عن أرقام الدعم الحكومي للسلع الأساسية، وربما ثمة مبالغة أحيانا كثيرة في الحديث عن صعوبة الأوضاع، لتمرير رفع الأسعار والتحرر من الدعم الرسمي لبعض السلع والخدمات، وهو شرط لمؤسسات دولية، كما لم يعد خافيا./p
p dir=RTLوتصطدم هذه المكاشفة الحكومية التي تبرر اللجوء إلى قرارات اقتصادية قاسية وغير شعبية، بانكشاف مقابل تعاني منه الغالبية الشعبية، معيشيا واقتصاديا، ما يجعلها غير قادرة على تحمل المزيد من القرارات والرفع، خاصة وأن قصة البحث عن آليات دقيقة لإيصال الدعم لمستحقيه، دون غيرهم، أثبتت تاريخيا صعوبتها وعدم جدواها؛ فأي رفع، تحديدا لأسعار السلع الارتكازية، كما المحروقات والكهرباء، وحتى لو تم تعويض الشرائح الفقيرة والمتوسطة عنه مباشرة بدعم حكومي، سيطيح بالمحصلة بالأوضاع المعيشية لهذه الشرائح، لأنه سيطلق سلسلة ارتفاعات تطال عشرات الخدمات والسلع./p
p dir=RTLما يصعب مهمة الحكومة، التي أعلن رئيسها عدم بحثه عن الشعبية في اتخاذ القرارات الاقتصادية الضرورية، أن الرأي العام لم يخرج بعد من صدمة وصول أغلب ملفات الفساد الكبرى إلى نهايات سعيدة لأصحابها، بعد أن راهن المخيال الشعبي على أن تتمكن حملة مكافحة الفساد من إعادة أموال طائلة لخزينة الدولة، تخفف من أزمتها، قبل أن تعود الحكومة للاستدارة مرة أخرى إلى جيب المواطن لحل عجز الموازنة./p
p dir=RTLلقد اعتادت السياسة الحكومية في العقدين الماضيين، على حلول رفع الأسعار وتقليص الدعم الرسمي للسلع والخدمات للتعامل مع عجز الموازنة./p
p dir=RTLوهي سياسة لم تعد صالحة للمرحلة الحالية؛ مرحلة الربيع والاحتجاج والشارع، وهي ذاتها المرحلة التي تتراكم فيها الاحتقانات الشعبية، سواء على خلفيات سياسية أو معيشية واقتصادية./p
p dir=RTLالأغرب أن الحديث عن الإصلاح الضريبي، كأحد مداخل الإصلاح الاقتصادي، ما يزال غائبا عن أجندة هذه الحكومة، كما غاب عن أجندة سابقاتها، وما تزال ضريبة المبيعات التي يطال شرها أغلب السلع والخدمات، هي أساس نظام الإيرادات للدولة، فيما يستمر التشويه عمليا في ضريبة الدخل دون إصلاح هيكلي./p
p dir=RTLثمة حسابات وأرقام مالية واقتصادية معقدة وصماء ستجد الحكومة نفسها أمامها عند بحث خيارات معالجة عجز الموازنة، لكن الأهم سيكون الأبعاد والكلف الأمنية والسياسية لهذه الخيارات، فهل تملك الحكومة الرؤية التي تؤهلها للخروج بمعادلة آمنة، وبدون مغامرات؟/p
p dir=RTLspan style=color: #ff0000;الغد/span/p