"بريتش بتروليوم" تغادر وسرها معها

"بريتش بتروليوم" تغادر وسرها معها
الرابط المختصر

لم يتبق إلا مدة قصيرة لإعلان شركة "بريتش بتروليوم" رسميا انتهاءها من عمليات التنقيب عن الغاز في الأردن.

وعلى الأغلب، ستكشف الشركة أن أعمال التنقيب التي بدأتها منذ أكثر من أربعة أعوام، لم تأتِ بنتيجة تذكر.

التسريبات المتوفرة تؤكد أن الشركة بدأت تعد العدة للرحيل. وتتوفر معلومات عن قرارها نقل مواد كيماوية تستخدم في عمليات الحفر، بحمولة ست شاحنات، إلى دولة عربية شقيقة.

كما يقال أيضا إن ثمة فريقا يضم ستة مهندسين وخبراء أردنيين، يتواجد الآن في بريطانيا للحصول على النتائج النهائية التي توصلت إليها الشركة حول البئر الثالثة والأخيرة التي حفرتها في منطقة الريشة، ورقمها "بئر47".

بحسب ما يتوفر من معلومات، وهي شحيحة، يظهر أن النتائج، وللأسف، سلبية.

بعد نحو خمس سنوات من منح الامتياز والحصرية، ستغادر الشركة العالمية، لنعود عندئذ إلى المربع الأول في البحث عن الغاز الذي يتعطش له الأردنيون، كمصدر محلي للطاقة، يريحهم من العبء الكبير لهذا القطاع المتعثر والمأزوم منذ سنوات.

لكن الغريب أن الشركة جاءت ورحلت من دون أن نسمع منها حرفا! إذ لم يصدر عنها ولو بيان صحفي واحد يشرح لنا ماذا فعلت خلال نصف عقد.

سترحل "بريتش بتروليوم" ونحن لا نعرف مسؤولا واحدا منها. ولا ندري ما إذا كانت ستتفضل الشركة أو الحكومة بأن تشرح لنا ماذا يوجد تحت أرضنا.

ستغادرنا الشركة وثمة أسئلة كثيرة تتعلق بعملياتها التي أحاطتها بسرية تامة. والخشية أن تغادر وأسرارها معها.

ربما تبدأ أعمالها في دول مجاورة، تعتقد أن العمل فيها أكثر جدوى من الأردن. لكن قبل أن تغادر، وحتى لا نكرر أخطاء الماضي، نذكّر الحكومة بأن من حق الأردن الحصول على خرائط الاستكشاف التي تتوفر للشركة؛ فهذه حق من حقوق البلد، يجب عدم التفريط فيها.

وعلى الحكومة أن تحصل على تصور واضح حول كميات الغاز التي تتوفر في المناطق المختلفة التي نقبت فيها الشركة البريطانية، خصوصا أن طموحات الأردن بكميات محدودة من الغاز ربما تكفي احتياجاته، لا تقارن بتطلعات شركة ضخمة مثل "بريتش بتروليوم" تُقدّر ميزانيتها بمئات مليارات الدولارات، وبما يفوق إمكانات الاقتصاد الأردني ككل.

المعلومات والنتائج يفترض أن تكون حقاً مكتسباً للأردن، بما في ذلك نتائج عمليات الحفر ووضع الآبار الثلاث التي كانت الشركة تغلقها بعد الانتهاء منها بشكل يُصعّب عملية الاستفادة منها. وهذا التمسك بحقوقنا هدفه البناء على النتائج واستثمارها بشكل جيد من قبل خبراء محليين، وتحديدا شركة البترول الوطنية؛ فنتائج عمليات الاستكشاف تراكمية.

نعلم أن الخبرات المحلية لم تستفد مطلقاً من تواجد الشركة البريطانية، رغم أن اتفاقها مع الحكومة كان يقضي بتأهيل وتطوير الإمكانات المحلية وزيادة كميات الإنتاج المحلية وصولا الى 50 مليون قدم مكعب صعودا من 24 مليون قدم مكعب، وهو ما لم يتم.

الخشية أن ترحل الشركة وتبقى إجابات الأسئلة معلقة حول أسباب القدوم وإنفاق مئات ملايين الدولارات، ثم الرحيل، ولماذا لم تقنع الشركة العابرة للقارات بالبقاء في الأردن!

صحيح أن الشركة لم تكن شفافة، لكن اللوم الأكبر يقع على الحكومات المتعاقبة التي لم توفر معلومات تكفينا شر الأسئلة المحيّرة، والتي تثير الشكوك حول عمليات التنقيب، فيما تبقى إجابة السؤال حول وجود الغاز من عدمه معلقة

الغد