بانتظار "تحرير" الاتحاد العام للعمال
أول أمس الجمعة، حضرت أكثر من ساعتين من المؤتمر التأسيسي لاتحاد النقابات العمالية المستقلة.
أذكر أنني قبل أكثر من عام كتبت منتقداً فكرة "النقابات المستقلة" ومشككاً في مساراتها. واليوم ومع أن بعض النقاط لا تزال بحاجة للتوضيح، فإنني لا أتردد عن الاعتذار عن بعض شكوكي، فاللقاء الأخير "المؤتمر التأسيسي"، كان لقاءً محترماً، فقد حضره عدة مئات من ممثلي القطاعات العمالية، وبعضها يمارس العمل النقابي للمرة الأولى.
سوف أبتعد قليلاً عن الكلام الذي قيل على المنصة، فقد وجد أغلب هذا الكلام طريقه إلى الإعلام. لكن ما لم تتم الإشارة إليه، هو تلك الأجواء الإيجابية التي عقد فيها، فقد تم تنظيمه من قبل العمال أنفسهم، وكان قادته يؤدون كل المهمات بحماس وتواضع. لقد رأيت قادة نقابيين كانوا بالأمس القريب يقودون إضرابات عمالية كبرى، لكنهم اليوم يساهمون في إعداد وتقديم الضيافة وتجهيز الكراسي والطاولات.
استرقت السمع لكثير من "الكولسات"، غير أني لم أسمع إلا الكلام الاجتماعي الطبقي النقابي، كانت وجوه العمال والعاملات متفائلة فرحة مرحبة. وأنا هنا أكتب هذه الملاحظات وفي ذهني كولسات مختلفة لسياسيين ونقابيين من أوساط أخرى.
قصة النقابات العمالية قصة طويلة، وقد بذلت السلطات والأجهزة المختلفة عبر أكثر من نصف قرن، وبالتعاون مع قيادات عمالية مزيفة، جهوداً كبيرة لكي تصل إلى الوضع الحالي، حيث أنجزت قيادة الاتحاد السيطرة الكاملة غير القابلة للاختراق، وهي في أغلب القطاعات تمارس معاداة العمال وتصطف إلى جانب أصحاب العمل علناً. وفي السنوات الأخيرة جالت قيادة الاتحاد على شتى الأطراف السياسية عارضة اسم الاتحاد للبيع، وفي الانتخابات الأخيرة سمحت باستخدام اسم الاتحاد في كتلة انتخابية وفق ترتيبات وتفاصيل يعرفها النقابيون جيداً، وأسهم النقابيون في إيصال غيرهم، بل إن ذلك تم بالضد من زملاء آخرين عماليين اضطروا لتشكيل كتلة خاصة رفضت المشاركة في عملية "البيع".
هل يعني قيام نقابات مستقلة انقساماً في العمل النقابي؟ نعم. ولكن المسؤولية الكاملة تتحملها قيادة الاتحاد الرسمي، التي سدت كل المنافذ نحو التغيير. وإلى أن يتحرر الاتحاد العام الرسمي من سيطرة تحالف "القيادة الانتهازية وأصحاب العمل والسلطة"، لا نملك إلا تحية كل مظاهر الحيوية في العمل النقابي العمالي.