انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي

انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي
الرابط المختصر

تمخّضت جهود الدبلوماسية الأردنية في المجال العربي والاسلامي والتي يقودها باقتدار جلالة الملك المعزز عبدالله الثاني بن الحسين المعظم عن موافقة الأمانة العامة لدول مجلس التعاون الخليجي على طلب الأردن الانضمام لدول مجلس التعاون الخليجي وأوكلت لوزراء خارجيتها مهام متابعة مواءمة الأنظمة الأردنية لكل متطلبات الانضمام والتي تتمحور اتفاقياتها وشروطها في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والدفاع المدني ومكافحة المخدرات والاتحاد الجمركي والتعاون النقدي والمجال الصناعي والسوق الخليجية المشتركة والمجال التجاري والأنشطة الاستثمارية والخدمية وغيرها مما حدا بالأردنيين كافة لمباركة هذه الخطوة الجريئة والعصرية على سبيل الوحدة وتبادل المنافع المشتركة وتعزيز أطر التعاون العربي المشترك فغمرت الفرحة كل بيت أردني للتوجّه صوب المسار الصحيح في هذا الاطار ورفع ذلك أيضا من سقف آمال المواطنين الاقتصادية لزيادة مدخولاتهم المالية.

ولقد تباينت وجهات النظر المحلية والعالمية في الأهداف الحقيقية وراء هذا الانضمام وتمخّضت بين تعزيز النفوذ العسكري والأمني والسياسية لتكتّل الدول الخليجية وتطوير درع الجزيرة لتحقيق الردع العسكري درءا للخطر الايراني المحدق بمنطقة الخليج برمّتها والثورات الشعبية في بعض البلدان الخليجية التي تعزف على ذات الوتر اضافة الى حصول الأردن على دعم سياسي خليجي لدرء مؤامرة الوطن البديل والتوطين وبين الاستفادة من المزايا الاقتصادية المتنامية للسوق الخليجية من حيث توفير فرص عمل للاردنيين بالتخصصات كافة أو جذب استثمارات خليجية للاردن تعزيزا لاقتصاده وزيادة مؤشرات نموه وزيادة حصته من المساعدات المالية لغايات سد العجز المتنامي في الموازنة وتخفيف الدين العام وبين وجهتي النظر يتوجّب علينا تحضير وجهة النظر الأردنية للإستفادة والافادة ولتصبح العلاقة ربحية- ربحية بين طرفي المعادلة.

ولم يقصّر الطرفان البتة لدعم بعضهما البعض خلال العقود الماضية على سبيل التكامل المنشود فقدّم الأردن مئات الألوف من الأيادي العاملة المدرّبة والكفؤة وساهم في بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية وحتى المدنية وقدّمت دول الخليج الدعم المادي والمنح واستثمرت في الأردن ودعمت اقتصاده في خضم التعاون العربي المشترك باعتبار أن الأردن يشكّل عمقا استراتيجيا وبوابة لدول الخليج العربي وأنه يمثّل نموذجا يحتذى في الحكم الرشيد والحالة السياسية المستقرة وأن مصالح الارتباط المشتركة بين الطرفين تتجاذب وأن الأردن يشكل العمق الاستراتيجي لدول الخليج العربي لسياساته المعتدلة وخصوصا بعد التداعيات التي حصلت في مصر ودول المنطقة لخلق اتحاد عربي نوعي لجبهة اعتدال في المنطقة لغايات تدعيم الأمن والسلم الاقليمي وتقوية الجبهة الداخلية العربية وخصوصا أن ذلك يصب في تدعيم الوحدة العربية ولا يشكّل محورا ضد الأمن القومي العربي.

انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي / بقية

ولعل انشاء صندوق استثمار خليجي لدعم الاستثمارات وتطوير المشاريع الكبرى والحيوية في الأردن وخصوصا في مجالات المياه والطاقة والبنية التحتية سيقوم بدور فاعل في خلق فرص العمل والتشغيل لتساهم بدورها في حل معضلة البطالة المتفشّية وستدعم الاقتصاد الوطني على نظرية المثل الصيني "لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد السمكة" وربما سيؤدي ذلك أيضا لتنشيط سوق العقارات والأراضي والحركة السياحية والسياحة العلاجية والتعليمية من خلال تملك الخليجيين في الأردن وتواجدهم فيه بشكل أكثر بعد اجراءات تسهيل الدخول والخروج والحركة بين البلدان دون تأشيرات ملزمة.

ولعل انضمام الأردن لدول مجلس التعاون الخليجي سيعمل على تغيير شامل ومؤطر للأنظمة الاقتصادية المعمول بها بالمملكة مما يترتب عليه آثار اقتصادية جم كتغيير آلية النظام الجمركي وتخفيفه وتسهيل حركة نقل الأموال وإزالة القيود الاستثمارية والتمويلية مما سيتيح للأردنيين الحصول على التمويل الخليجي للمشاريع والعكس صحيح وتعزيز انسياب العمالة الأردنية للخليج عن طريق الانضمام لقاعدة البيانات الخليجية الموحدة وتسهيل إجراءات العمل في تلك الدول دون الحاجة لإقامة وإذن عمل وهي فرصة مواتية للحكومة لتوجيه لجنة الحوار الاقتصادي للتنبّه لهذا الموضوع قبل أن تسلّم تقريرها.

الأردن ودول الخليج العربي لديهم الكثير من القواسم المشتركة والأردن بوابة الخليج لبلاد الشام والعلاقة الدافئة التاريخية بينهما والتي رسمتها القيادات السياسية والشعوب تحتّم عليهما أن يشكّلا مستقبلا يؤطّر المصالح المشتركة بأكثر من اتجاه تعزيزا للتضامن العربي المنشود ونحن متفائلون بالمستقبل الواعد فهلاّ ترجمناه لبرامج واقعية مثمرة يستفيد منها الطرفان والمنطقة!.

* وزير الأشغال العامة والاسكان السابق

الدستور

أضف تعليقك