امتحان إرادة التغيير

 امتحان إرادة التغيير

أكثر الشعارات رواجا في العملية الانتخابية التي لم تسخن حتى الآن، هو شعار التغيير، وانضوت تحت جناحيه شعارات الربيع العربي (الدولة المدنية الحديثة، والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية والمساواة الإنسانية).

لكن أغلبية من رفع الشعار لم يكتس ِعظمه لحما، لأسباب عديدة، أبرزها، اولا: أنهم ليسوا من فرسان التغيير الحقيقيين، وإنما ركبوا الموجة، وثانيا: أن التغيير لا يتحقق بالشعار، وإنما في البرنامج الواقعي الملموس، في القضايا الوطنية والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

امتحان إرادة التغيير، يتحمل الجميع مسؤولية الإجابة عليه، من الناخب أولا، والمرشح ثانيا، والقوى السياسية ثالثا، وصنّاع القرار رابعا.

شرائح مهمة في صناعة القرار لا تزال تلتف على استحقاقات التغيير وتقاومها أو تدير الظهر لها. ولهذا جاء التغيير شحيحا خلال السنتين الماضيتين، واقتصر على الجانب السياسي فقط، وتراجعت فيه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية إلى هذه الدرجة من البؤس. وعلى الثوابت الأربعة التي جاءت في الورقة النقاشية التي طرحها رأس الدولة استحقاقات كثيرة على كل قوى الشد العكسي التي تستوطن في مراكز صنع القرار، التراجع والانكفاء جانبا، أو التناغم مع هذه الثوابت، لا وضع العصي في الدواليب.

عند القوى السياسية، تأتي الانتخابات فرصة لامتحان برامجها مع الناس، بحيث تتقدم بهذه البرامج ورؤيتها للتغيير وتناقشها مع الناس، باتجاه تطويرها وتتأكد من أنها تستجيب لكل مصالح الفئات الشعبية، وهذا يعني أن قوى المقاطعة خسرت هذه الفرصة، في التواصل المباشر مع الناس، واكتفت بالحرد السياسي، وهو يشبه حرد الانسان من بيته أو جامعته، فالخسارة تعود عليه أولا وأخيرا.

بالنسبة للمرشح والقوائم الوطنية على وجه الخصوص، فإن ارادة التغيير تعني مشاركة الشعب في همومه وآماله وطموحاته، وتعزيز التواصل مع كل فئاته بالحوار المباشر الذي لا يخلو من النقد والتقييم والمرارات. بحيث يقدمون برنامجا وأجوبة، ويعدون بالنضال من أجل تحقيقهما في ما لو قيض لهم النجاح تحت القبة.

أما بالنسبة للناخب، وهو حجر التوازن في المرحلة المقبلة، فعليه تجاوز المزاج السلبي الحاد الذي لف المجتمع الاردني بعد قرارات رفع الدعم عن المحروقات، وبعد اقرار قانون الانتخاب بصيغته الحالية ، وبعد تراجع مخرجات الاصلاح السياسي والاقتصادي، لأن عملية التغيير لن تكون إلا بالمشاركة في العملية الانتخابية، وفي هذه الايام المساهمة في حلقات النقاش وخاصة المناظرات التي تنظم مع المرشحين، من أجل فحص مضمونهم وبرامجهم، والبحث عمن يمثلنا لا يمثل علينا، وصولا الى صندوق الاقتراع والمشاركة الفاعلة فيه.

العرب اليوم

أضف تعليقك