..امتحانات التوجيهي ونقابة المعلمين

..امتحانات التوجيهي ونقابة المعلمين
الرابط المختصر

تبدأ اليوم امتحانات التوجيهي، وهي الامتحانات الأكثر أهمية بالنسبة للطلبة وذويهم على الإطلاق.

كونها المرحلة المدرسية الأخيرة التي يتم الانطلاق بعدها نحو التعليم العالي،

في مسيرة جامعية لتحقيق الأحلام والآمال، وتحديد المستقبل المهني والعلمي، إضافة لما في الأمر من أبعاد اجتماعية تهم الأهل الذين يرون في مستقبل أبنائهم نتاج جهودهم في التربية الأسرية وثمرة حياتهم التي يتطلعون إليها كإنجاز ما بعده إنجاز.

وبطبيعة الحال، فإن المجتمع الأردني يراعي أكثر ما يكون أجواء امتحانات التوجيهي، وينظر إليها كحدث هام، وتجد أفراده متفقين على عدم خدش هذه الأجواء، ويدعون إلى مراعاتها، وعدم التشويش عليها.

لقد شهدت الأشهر الماضية بعض الأحداث في محيط ومجال التربية والتعليم بشكل خاص، وقد أثرت بمجملها على الأجواء العامة لامتحانات التوجيهي ومع ما خلفته أخطاء التصحيح في امتحانات الفصل الأول من تردٍّ عليها، وانعكاس الأمر على أحوال الطلبة وذويهم، إلا أن تجاوز ذلك بالجهود التي تمت، لم يلغ بقاء الريبة في النفوس، والدعوة إلى تجاوز العقبات كافة.

في حين أن انطلاق المعلمين في عمل جماعي لتحسين أحوالهم يظل هو الأمر الأبرز، خصوصاً وأنهم الطرف الأهم في الامتحانات وإدارتها والوصول بها إلى بر الأمان. وهذا الحدث الذي لم تأخذه الحكومة على مستواه الحقيقي، ودون إدراك لأهميته وانعكاساته على المسيرة التعليمية، وفي مقدمتها امتحانات التوجيهي، يظل الأكثر خطورة الآن، وهو يلقي بظلاله على سير الامتحانات.

لقد كان التفاعل الحكومي مع تحرك المعلمين فوقياً ومتطرفاً، وذلك من حيث الاستعلاء في النظر إليهم، وما وُجّه إليهم من إهانات. ورغم خطورة الموقف، إلا أن الحكومة هي التي تصر، وما زالت، على الالتفاف على حقوقهم. والاستقواء عليهم بالعديد من الوسائل والتي منها التهديد والضغط الأمني.

المعلمون كفئة مهنية لا يختلفون من حيث الأهمية عن أي فئة أخرى. لا بل إن فئة المعلمين تتميز في بعض الجوانب، كونها المؤهلة لإعداد أجيال المستقبل.

وهؤلاء عندما يرون الفئات المهنية الأخرى، كالأطباء والمهندسين والمحامين وغيرهم، وهم يستفيدون من صناديق التقاعد والضمان، والتأمين الصحي، والحماية والأمن الوظيفي وغير ذلك مما تعتني به النقابات.. فإن اندفاعهم لتأسيس نقابة لهم يكون أمراً مشروعاً، وفيه تحقيق لطموحاتهم في عيش كريم وحياة أفضل، كما أن فيه تخفيف أعباء عن الحكومة نفسها التي لا تريد التجاوب معهم.

وواقع الحال ينبئ بأن الرفض الحكومي لمطلب نقابة للمعلمين أساسه أمني، ويرتبط بظروف تاريخية عفا عليها الزمن، وما عادت قائمة، غير أن هناك من يعيش في الماضي حتى الآن ويريد الاستمرار فيه.

ومعلوم لهؤلاء أن الاتحاد السوفييتي ما عاد موجوداً، وأن الحركة العمالية العالمية على أساس ماركسي مجرد إطلاق.. وأن عودتها لحيوتها السابقة لا يلوح بأي أفق، سوى أصحاب الأفق الضيق أساساً.

عندما يندفع الأطباء إلى أحزاب ما لأي سبب من الأسباب، فإنهم يأخذون بالاعتبار أهمية تواجدهم في مواقع العمل وتأمين الطبابة للمرضى، وعدم الإخلال بواجباتهم الإنسانية، والأمر نفسه بالنسبة للمعلمين هذه الأيام، فلا نظن أن هناك من سيمتنع عن القيام بواجب إنجاح سير امتحانات التوجيهي. وهذا أمر يعزز من أحقية مطالبهم العادلة، ومن خلاله يضعون أنفسهم في المكان المناسب في رفض مطالبهم.

معركة نقابة المعلمين يجب أن تبقى مفتوحة، وإنجازها أمر حتمي؛ فلا يعقل أن ينتصر فيها مجرد وزير لا علاقة له أساساً بامتحانات التوجيهي إلا من حيث كونه وزيراً، ولا دخل له في وجود نقابة أو عدمه لكونه ليس معلماً.

السبيل