الهجمة على وزير العمل .. تصيد غير مبرر .. والتعليمات ذاتها تتكرر منذ سنوات

الهجمة على وزير العمل .. تصيد غير مبرر .. والتعليمات ذاتها تتكرر منذ سنوات
الرابط المختصر

الهجمة على وزير العمل والوزارة حول القرار الاخير بتحديد الاوقات التي يحظر فيها تشغيل النساء والاعمال التي يحظر تشغيلهم فيها تحمل في طياتها تحاملا على الوزير ووزارته وتصور الحكومة الاردنية بانها بدات بحملة منظمة لتشغيل النساء الاردنيات في الدعارة.

قرار الوزير الاخير ليس جديدا، وهو نسخة طبق الاصل عن قرار نشر في الجريدة الرسمية العدد (4201) الصادر بتاريخ 30/4/1997، ومبرر صدور القرار الجديد هو ان قانون العمل ادخلت عليه تعديلات جديدة وبدأ نفاذه في 1/12/2010 مما تطلب صدور القرار ليكون متوافقا مع القانون.. ومن اراد العودة للقرار السابق المنشور في العام 1997 يمكنه العودة للارشيف في الجريدة الرسمية.

ويعني ذلك ببساطة احتمالين الاول ان هناك محاولات للتصيد ضد الوزير او ضد الحكومة للقرارات التي قد تتضمن ما لا يحظى برضا شعبي مثل القضايا المتعلقة بالملاهي الليلية وهو تصيد يتم توظيفه سياسيا وشعبيا بطريقة فجة في كثير من الاحيان ويحمل في طياته اتهامات مسيئة.

الاحتمال الثاني هو ان الصحفيين على الاخص وبالضرورة المتابعين والسياسيين لا يقرؤون التشريعات والانظمة والتعليمات السابقة عند صدور أي جديد.. ويبدؤون بتحليل الجديد بمعزل عن سياقه ويخرجون باستنتاجات غير صحيحة وفيها الكثير من التجني.

كلا الحالتين تعكس ضعفا مهنيا لدى الاعلام اولا ولدى الفئات السياسية التي تتبنى مواقف هوجاء بدون قراءة السياقات الموضوعية، وتعكس ايضا قراءات مغلوطة للقرارات ولي عنقها، فعدم منع النساء مثلا من العمل في الاندية الليلية لا يعني بالضرورة تشجيع النساء على العمل فيها..

والواقع يؤكد ان مثل هذا المنع لم يكن موجودا في الاردن سابقا وبالتاي فان قرار الوزير الاخير لم يسمح بما كان ممنوعا من قبل.. واذا كانت الاردنيات يمتنعن عن العمل في الملاهي الليلية فذلك ليس مرتبطا بقرار حكومي يمنع عملهن هناك، بل بخيارات ذاتية قد تكون مستندة لعدم تقبل مجتمعا واسرتها لمثل هذا العمل.

الهجمة التي على ما يبدو يتبناها التيار الاسلامي ويسانده فيها قوى سياسية اخرى لا اعتقد ان هدفها الدفاع عن الاخلاق والمجتمع بقدر ما هو ركوب لموجة شعبوية من خلال اقتناص وتصيد جزئية من قرار لرفع الصوت ضده وبناء حملة تستهدف الحكومة او ربما الوزير شخصيا مستندين الى ان مثل هذه الحملة من الصعب ان تجد معارضة من اوساط شعبية او سياسية او اعلامية بسبب الحساسية المجتمعية لموضوع عمل النساء في الملاهي الليلية.

والاخطر ان مثل هذه الحملات الموسمية والتي تحمل طابع فزعة اخلاقية اكثر منها حملة ذات ابعاد سياسية محددة تعمل على تحويل الانظار عن قضايا ذات اهمية اكبر في البعد الاقتصادي والسياسي وحتى المجتمعي سواء التوترات القليمية او تراجع الوضع الاقتصادي وغلاء الاسعار او حتى ظاهرة العنف المجتمعي

الغريب ان وزارة العمل لم تقم حتى الان بتوضيح الصورة وتترك كرة الثلج تتنامى بدون التحرك اعلاميا لاحتوائها..

بكل الاحوال.. اعتقد ان السكوت عن مثل هذه الحملة يشكل جريمة اضافية ليس بحق الوزير او الحكومة بل بحق الاردن الذي يصور الان بهذه الحملة وكانه يدفع نساءه الى العمل في الملاهي الليلية والكباريهات والدعارة بقرار حكومي.. وتبعدنا عن التحديات الرئيسية التي تواجه مجتمعنا..

أضف تعليقك