الهتافات المغامرة

 الهتافات المغامرة
الرابط المختصر

أعطى قرار الحكومة المفاجئ برفع اسعار بعض المشتقات النفطية وقودا حقيقيا للشارع والغاضبين فيه من اجل تجديد احتجاجاتهم وتنشيط مطالباتهم بل وزيادة "الدوز" في الهتافات غير المقبولة التي تجاوزت السقوف الحمر.

والأخطر في قرارات الحكومة أنها وضعت حتى أنصارها في جعبة المعارضة وأصبحوا أقرب إلى موقف "الإخوان" من موقفها.

نُخطّئ الحكومة في قرارها الذي غابت عنه الحكمة وتجاوز التكليف الملكي لها بالاعداد لاجراء انتخابات نزيهة قبل نهاية العام، لا بل انه يضع عراقيل امام هذا الهدف بالذات ويضع علامات استفهام امام مصداقية الحكومة، لانها اساءت اختيار التوقيت المناسب، ولان قرارها لم يكن موفقا او حتى مبررا للرأي العام، بل عقّد المشهد السياسي.

وفي المقابل فإن رفع سقوف الهتافات المغامرة من بعض الشباب على دوار الداخلية ليل السبت بوجود نائب المراقب العام لجماعة الاخوان المسلمين زكي بني ارشيد لم يكن موفقا ولا يتناسب مع حجم قرار رفع اسعار المحروقات، لا بل تعداه الى مراحل غير مقبولة، وهو ما عبرعنه بني ارشيد بعد انفضاض الاعتصام عندما قال" شعارنا اصلاح النظام" في إشارة للتنصل من الهتافات الساخنة.

اذا كان من حق المواطن ان يحتج على قرارات الحكومة مهما كانت وهو حق فردي يمارسه الفرد شخصيا ومن حقه الدستوري ايضا ان يطالب برحيلها لكن ليس من حق 300 شخص ان يطالبوا بتغيير النظام السياسي القائم وإطلاق التهديدات والتشبيهات لان في ذلك مخالفة دستورية ولان النظام السياسي ملك للاردنيين جميعا على الشيوع وهو ليس حق فردي يمكن ممارسته من قبل اي شخص.

كانت أيدينا على قلوبنا ان ينفجر الوضع على دوار الداخلية على اثر تلك الهتافات، لكن حصافة القيادات الامنية كانت حاضرة بقوة، وقد كان القرار الامني بعدم التعرض للمعتصمين بأي سوء مهما كانت طبيعة تصرفاتهم، ولكن للاسف فان الحكمة الامنية في الشارع منذ ما يقارب السنتين لا توازيها حكمة في القرار السياسي.

لا اعتقد ان من العقل على أي طرف سياسي ان يؤيد مثل تلك الهتافات او التصرفات لانها غير مقبولة لا هي ولا حتى "اسقاطاتها الخارجية" لان الامر مختلف تماما، الا اذا كان المقصود إيصال رسائل من الشارع الى النظام او الحكومة في غمرة الصراع الدائر حول قانون الانتخاب وطبيعة عملية الاصلاح.

ما يمكن ان تشم رائحته ان هناك طرفا في جماعة الاخوان المسلمين يبحث عن صدام مع الدولة وإجهزتها اويبحث عن الدم ،لانه قد يكون مبررا لاية خطوات لاحقة وهو استنتاج خطير اعتقد ان الكثيرين داخل الجماعة لا يؤيدونه.

لا ننكر حق اي طرف سياسي في أن يعارض الحكومة ويضغط من اجل تحسين شروط موقعه على الطاولة وتأمين مصالحه في قانون او انتخابات مقبلة، لكن هل من الضرورة السماح للشباب المندفع ان يذهب الى اقصى ما عنده لتوتير الشارع بالهتافات الصدامية وغير المقبولة من القوى السياسية عامة وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين التي تبدي حرصها الدائم على النظام الذي تعتبره سقفها الذي لا يمكن تجاوزه.

هل توتير الشارع مسألة قابلة للضبط والاسترجاع في اية لحظة؟ هل تَمسُّك القيادات الحزبية بالكياسة وترك التصرفات الهوجاء لبعض أصحاب الرؤوس الحامية في الشارع فيهما حكمة ام لعبة؟ لا نعرف الى اين يريد ان يأخذنا "المغامرون" في هتافاتهم وتصرفاتهم؟

الحزب السياسي اذا كان جادا في برنامجه فيجب ان يعلنه ويحدد اساليب عمله في الشارع، لانه يكسب مصداقية، اما ممارسة الازدواجية والباطنية فان حبلها قصير .

العرب اليوم

أضف تعليقك