النماء الوطني ليس رهنا بأبناء الأردنيات !

النماء الوطني ليس رهنا بأبناء الأردنيات !
الرابط المختصر

تعرف الجنسية بانها رابطة قانونية تنشا بين الفرد والدولة يترتب بموجبه حقوق والتزامات متبادلة بمواجهة الطرفين اساسها حماية الدولة وولاء الأفراد ؛ وتنشيء هذه العلاقة بطبيعة الحال بيئة تعايش مجتمعي يحدد مدى انسجامه مقدار توازن المعيار القانوني الناظم لمنح الجنسية  في الدولة مما يلعب دورا كبيرا في تشكيل مجتمع متنامي ذو هوية منسجمة .

وعرف التاريخ التشريعي للجنسية معيارين اساسيين لمنح الجنسية لا ثالث لهما  اولهما معيار الدم وثانيهما معيار الأرض كمنح الجنسية للمقيم او المولود على ارض الدولة ؛ وقد اعتمد قانون الجنسية الاردني رابطة الدم ؛ فجاء في نص المادة (3/3 ) من قانون الجنسية الأردني الساري  انه " يعتبر اردني الجنسية كل من ولد لأب متمتع بالجنسية الأردني ".

ومع ان النص لم يقصر الجنسية على ابناء الاردنيين دون ابناء الاردنيات باعتبار لفظ "الاردني" يشمل النساء والرجال على حد سواء كغيره من كافة النصوص الناظمة للمعاملات والحقوق كما هو الأصل في القواعد القانونية ؛ إلا ان هذا النص جاء  - في ظل ثقافة الموظف المعزز لوطنية الذكر دون الأنثى - أصما وعاجزا عن تطبيق شمولية مبدأ منح الجنسية على اساس رابطة الدم ؛ مما تسبب بخلق تمييز بين مواطني المجتمع الواحد  وقصر مصير انسجام المجتمع في يد القلة من مطبقي القانون ، اضف الى ان التمييز على اساس الجنس لا محل له في علاقة المواطنة وفقا للمعايير الدولية فلا يتصور اقتصار مجتمع على الرجال دون النساء او العكس ؛ وعند الرجوع للدستور كملاذ مفترض للمساواة وهو الأساس الناظم لأركان الدولة والحقوق الأساسية للمواطنين نقرأ في المادة  السادسة منه أن " الأردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين "  وقد سكت النص عن حظر التمييز على اساس الجنس مما شكل منفذا للقائمين على قانون الجنسية بمصادرة حق ابناء الاردنيات بالجنسية تحكمه ذهنية مبنيه على اساس نخر هو التمييز ضد النساء .

لوح المعارضون من صناع القرار بحجة السياسة مفادها ان الاعتراف بحق أبناء الاردنيات في اكتساب الجنسية يجر تبعات سياسية الاردن في غنى عنها ! وهنا لا يفوتني القول ان الأصل في سيادة الدولة أن ترتكز على اساس علمي متين كافتراض ولاء افرادها لا أن ترتكز على اساس واهن كالتمييز على اساس الجنس ؛ اضف الى ذلك ان اقوى الدول سيادة اليوم هي دول اعتمدت معايير تقييدية  لمنح الجنسية بما يخدم سيادة الدولة ؛معايير تقوم على اساس قوي ولا تقوم على تمييز يخلق خللا في تركيبة المجتمع كاشتراط الإقامة او العمل كتقييد إضافي على رابطة الدم او الارض لمنح الجنسية بما يتجاوب وضرورة النماء للدولة وتحري الولاء . وفي حين يدعي البعض تخوفهم من التبعات السياسية نجد الباب مشرعا لمنح الجنسية لطالبيها في مواد اخرى من نفس قانون الجنسية فقد نصت المادة 13/2 من نفس القانون " لمجلس الوزراء بموافقة جلالة الملك ان يستغني عن الشرط القاضي بسبق الإقامة اربع سنوات اذا كان مقدم الطلب عربيا أو كانت هنالك ظروف خصوصية تؤول الى ما يفيد المصلحة العامة "  بما يعطي صلاحيات واسعة بمنح الجنسية وفقا لمعايير فردية لما لا حصر له من الافراد .

اما بالنسبة للحجة الإقتصادية مفادها ان منح الجنسية يكلف الدولة نفقات إضافية نجد ان ابناء الأردنية ينفقون من اجل اقامتهم وتصريح العمل وتلقيهم التعليم الكثير مما يعني ان الدولة متكسبة من هذه الفئة ماديا وهنا اضحى اي حجة اقتصادية لا تعني إلا الخوف من فوات الكسب من فئة ميز ضدها القانون وحرمها امس حقوقها .

 إن التطبيق القانوني الممييز على اساس الجنس يخلق فئة من الأشخاص محرومة من الجنسية الأردنية تتكبد خسائر مالية بشكل سنوي مما يعيق نمائها المهني والثقافي اضافة لحرمانها من حقوقها المدنية والسياسية يتعارض مع المعايير الدنيا لحقوق الإنسان ؛هو تمييز يكتب  قصة معاناة يومية لما يقدربـ 350 الف شخص يعيشون على ارض الأردن ولا يعرفون الا الأردن حاميا لهم ؛ قصة معاناة حقيقية يثقل كاهل الأم الأردنية بشكل يومي ويجهض احلامها في استقرار ابنائها؛ ويحيلهن معيلات وحيدات يعجزن عن دفع رسوم سنوية لاستصدار تصاريح عمل لأزواجهن  .

 إن التطبيق القانوني المميزعلى اساس الجنس مبني على اساس هش  يخلق صور تناقض لا يقبلها العقل في المجتمع الواحد ففي حين نجد الآلاف من ابناء الاردنيين المهاجرين لا يعيرون الجنسية الأردنية التي ولدت معهم أي اهتمام ولا يعرفون طعم الشوق لعمان نجد ابناء الأردنيات الذين لا يعرفون إلا الاردن وطنا لهم محرومون من الجنسية ومجردون من حقوقهم الوطنية  .

نخلص الى ان قضية حرمان ابناء الاردنيات من الجنسية الاردنية ليست إلا قضية جندرية بامتياز تؤثر سلبا في البنية المجتمعية الاردنية ، ونؤكد ان ابناء لاردنيات هم اردنيون تنفسوا الوطنية في اعماقهم ورضعوه حليبا من امهاتهم الاردنيات

*ناشطة في حقوق المرأة والانسان

أضف تعليقك