النسور والنواب في دائرة مفرغة

النسور والنواب في دائرة مفرغة
الرابط المختصر

اختتم رئيس الوزراء المكلف عبدالله النسور، جولة ماراثونية من المشاورات النيابية مع الكتل، ويستعد لجولة ثانية خاطفة.

وفي الأثناء، يخطط للقاء أحزاب سياسية ونقابات مهنية. حصيلة الساعات الطويلة من الاجتماعات، كما ظهر من ردود الفعل النيابية، كانت صفرا مربعا.

كتلة "وطن" التي كانت أول من رشح النسور لتشكيل الحكومة، قالت إن اللقاء مع النسور كان فاشلا، ولم تصل معه لتفاهم على أي قضية.

الكتلة لوّحت بحجب الثقة عنه إن لم يستجب لسلسلة من المطالب، على رأسها التراجع عن قرار رفع أسعار الكهرباء المرتقب في شهر حزيران (يونيو) المقبل، وأن يلتزم بخريطة واضحة للإصلاحات السياسية، وجدول زمني يضمن الوصول إلى الحكومة البرلمانية الكاملة.

كتلة نيابية أخرى دعمت ترشيح النسور، هي "الوسط الإسلامي"، خرجت من اللقاء معه بخيبة أمل كبيرة، وأصدرت بيانا أعادت التأكيد فيه على مطالبها السياسية والاقتصادية، وهددت بسحب تأييدها للنسور إذا لم يلتفت للقضايا التي تطرحها.

هكذا كان حال الرئيس مع مؤيديه، فكيف يكون مع من رشّح نائبه وزير الداخلية عوض خليفات؟!

انتهت جولة المشاورات الأولى بدون أن يتمكن الطرفان من التفاهم على القضايا الرئيسة: توزير النواب من عدمه، وتشكيلة الحكومة؛ فالنسور لم يطرح على الكتل أسماء مرشحة، ولم يطلب منهم ترشيحات.

كل ما قدمه في هذا الصدد عبارات مديح لخمسة من وزرائه، فُهم منها نيته إعادتهم لمناصبهم، فثارت في وجهه عاصفة لم تهدأ حتى اللحظة.

ولم يعرض النسور تصورات محددة لبرنامج الحكومة في مختلف المجالات، واكتفى بشرح عام كرره عشرات المرات عن سوء الأوضاع الاقتصادية، والأخطار المحدقة بالمنطقة.

فما قيمة المشاورات إن لم تعالج مواضيع كهذه؟بالنتيجة، ها نحن في منتصف الأسبوع الثاني ولم نتقدم خطوة واحدة لتشكيل الحكومة؛ مجرد اجتماعات "بروتوكولية" على حد وصف رئيس كتلة "وطن" النائب عاطف الطراونة.

وحسب تصريحات الرئيس المكلف، فإن الحكومة الجديدة لن ترى النور قبل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلى عمان يوم الجمعة المقبل.

وربما يكون التأجيل مقصودا بحد ذاته، كي يتسنى لأوباما أن يرى بأم عينه المتاعب التي يواجهها رئيس الوزراء مع البرلمان، لعله يطمئن بأن العملية الإصلاحية في الأردن حقيقية وجدية، وليست عملية شكلية كما يروج "المشككون".

أعتقد أن التخبط الحاصل في مشاورات الرئيس المكلف مع الكتل النيابية، يعود في الأساس إلى الأخطاء المنهجية التي ارتكبت في جولة المشاورات الأولى بين رئيس الديوان الملكي والكتل النيابية.

فقد انتهت تلك الجولة، كما تذكرون، بدون تفاهم على قواعد اللعبة الجديدة، وبقيت جميع العناوين مفتوحة للنقاش؛ كتوزير النواب، وآلية اختيار الوزراء.

وبسبب ذلك، وجد النسور نفسه مجبرا على أن يبدأ من نقطة الصفر مع النواب.يشعر نواب كثر اليوم أن المشاورات في مأزق، ويخشون من أنهم يواجهون أسئلة لا يجدون إجابات عنها؛ ماذا لو شكل النسور حكومته بدون الأخذ بمطالبهم، هل يحجبون الثقة عنه، أم يتركون الحكومة تمر في البرلمان، وتواجه مصيرها في الشارع المحتقن؟

هل تحتمل الأوضاع الداخلية إسقاط حكومة في البرلمان، وهل سيدفع النواب الثمن بالحل؟ هل يمكن حل البرلمان حقا إذا حجب الثقة عن الحكومة؟

المسألة في غاية التعقيد، والمجلس بتركيبته المعروفة وتجربته المتواضعة، لا يملك إجابات شافية.

الغد

أضف تعليقك