الملك وتميم

الملك وتميم
الرابط المختصر

لم يكتف ببرقية التهنئة، ولا بالاتصال الهاتفي؛ في اليوم التالي لتنصيبه أميرا لقطر، توجه الملك عبدالله الثاني إلى الدوحة لتهنئة الشيخ تميم بن حمد، وليكون بذلك من أوائل الزعماء العرب الذين يزورون قطر بعد التغيير

في ضوء حالة البرود التي تهيمن على العلاقات الأردنية-القطرية، لم يكن متوقعا من الملك أن يكون أول المهنئين. لكن ذلك بحد ذاته يعد خطوة تدلل على رغبة الأردن في فتح صفحة جديدة مع قطر وقيادتها الجديدة.

الملك عبدالله الثاني قطع الخمسين، والشيخ تميم في أول الثلاثينيات؛ لكن الزعيمين ينتميان إلى جيل الشباب بفكرهما وتطلعاتهما إلى المستقبل. عندما تولى الملك الحكم قبل 14 سنة، قال عبارته الشهيرة: "لست أبي"، رغم فخره بتراث الراحل الكبير الحسين بن طلال، وما قدمه للأردن. والمرجح أن الشيخ تميم لن يكون نسخة عن أبيه، مهما بلغ التطابق في وجهات النظر بينهما في السياسة.

في المرحلة السابقة، حاول الجانبان الأردني والقطري التغلب على خلافاتهما، وتجاوز ما قيل إنها حساسيات شخصية وعائلية. لكن، كلما كانا يخطوان خطوة إلى الأمام، يبرز خلاف جديد يعيد العلاقات خطوتين إلى الوراء.

الموقف من الإسلام السياسي في المنطقة كان ملف خلاف دائم بين الطرفين، ولاحقا الأزمة السورية وسبل التعاطي معها، وهي الأزمة التي شقت العالمين العربي والإسلامي، لا بل والعالم كله، وكان من الطبيعي أن تلقي بظلالها على العلاقات الثنائية بين بلدان المنطقة. لكنها بين الأردن وقطر اتخذت طابعا أكثر حدة، وتجلى ذلك في امتناع الأخيرة عن تقديم حصتها السنوية من المنحة الخليجية للأردن.

هل يمكن تسوية هذا الخلاف بين البلدين بعد تولي تميم الحكم في قطر؟

يبدو الأمر صعبا في ضوء المعلومات المتوفرة عن موقف الأمير الجديد من تطورات الأزمة السورية، وفريق عمله، خاصة وزير الخارجية الجديد خالد العطية، والذي يتخذ مواقف تجاه الأزمة أكثر تشددا من سلفه حمد بن جاسم، حسب دبلوماسيين عملوا معه.

لكن ينبغي الاعتراف هنا أن مواقف البلدين تجاه الأزمة السورية اقتربت من بعضها في الآونة الأخيرة، خاصة بعد اجتماع وزراء الخارجية الأخير في الدوحة، والذي كُرس لبحث وسائل دعم المعارضة السورية وتسليحها.

ستظل هناك مساحة خلاف لا يستهان بها. بيد أن نقاط التوافق يمكن أن تشكل أساسا لانطلاقة جديدة في علاقات البلدين. من مصلحة أمير قطر الجديد أن يتبنى مقاربة جديدة لعلاقات بلاده؛ ليس مع الأردن فحسب، وإنما مع دول المنطقة كلها. حالة الاستقطاب القائمة لا تخدم أحدا، وميزة قطر التي منحتها دورا أكبر من حجمها، هي في كونها نقطة التقاء لكل الأطراف، وعاصمتها الدوحة كانت المكان الذي تصالح فيه الفرقاء اللبنانيون والسودانيون والصوماليون وغيرهم، وحاضرة لمختلف التيارات السياسية، ومن مصلحتها أن تستعيد هذا الدور. شعار قناة الجزيرة "الرأي والرأي الآخر" يلخص هذا الدور.

يقول مقربون في الطرفين إن بين الملك وتميم علاقات صداقة قديمة. وفي لقاء مع جلالته لم يكن مخصصا للنشر قبل أقل من سنة، جاء على ذكر الشيخ تميم، وسمعت من الملك إشادة بشخصيته، وتقديرا عاليا لقدراته وأفكاره.

في عالمنا العربي، يتعين أن نضع العامل الشخصي في الاعتبار عند النظر إلى العلاقات بين البلدان. ولذلك، يراهن الكثيرون على أن ينسحب الود بين الملك والشيخ تميم على علاقات الأردن وقطر في المستقبل

أضف تعليقك