المعلمون.. الواجبات والمطالب
خلال السنوات الأربع الأخيرة شهد قطاع المعلمين مطالبات وتحركات أثمرت عن تحقيق المعلمين للعديد من الحقوق من نقابة وعلاوات وتأكيد على حق المعلم في التقدير والاحترام بما يتناسب مع مكانته، والمعلم يستحق كل التقدير ومكانته كبيرة وحقوقه ضرورة وحتى اليوم ما زالت المطالب مستمرة، ونحن على موعد مع تعطيل لمسار التعليم منذ اليوم الأول للفصل الدراسي كما كان الحال في عام سابق، وكأن أولياء الأمور والطلاب والتعليم مضطرون لدفع ثمن وجود النقابة الذي أصبح مقترناً بالاضرابات وتعطيل الدراسة، وكأن طلبتنا ينقصهم مزيد من الضعف والإهمال وهدر أسابيع الفصل الدراسي.
لكن مناسبة الحديث ما يسمعه الناس من ارقام بالمئات لمدارس فشلت بتوفير نجاح أي من طلبتها، وأيضاً ما تقوله الوزارة عن أعداد كبيرة من طلبة التوجيهي الذين قدموا الإمتحان الأخير الذين لا يجيدون القراءة والكتابة أي لم يتجاوزوا عملياً الصف الأول والثاني الإبتدائي حيث المعلومات الأساسية.
واذا كانت العملية التعليمية معلماً وطالباً وتشريعات وبيئة وأسرة، فإن المعلم عنصر هام جداً فيها، والتعليم في بلادنا الذي كان منذ عقود كان قوياً رغم أن الإمكانات ضعيفة والمدارس فقيرة الإمكانات، لكن المعلم كان عاملاً أساسياً فهو الذي يعلم ويتابع ويستدعي أولياء الأمور إن رأى خللاً، ولم يكن راتبه بالآلاف، ولم تكن سيارته فاخرة، وكان يصنع مكانته بقوته واجتهاده وحضوره.
وفي ظل المطالب الجديدة للنقابة واستعدادها للإضراب وفرض عطلة إجبارية على الطلبة وتمديد جلوس المعلمين في بيوتهم فإن السؤال :- ماذا لدى النقابة وقطاع المعلمين لتقدمه لمعالجة المأساة التي تتحدث عنها وزارة التربية وبخاصة حالة الضعف في القراءة والكتابة وأمتلاك أساسيات التعليم؟!
لا نحمل المعلم كامل المسؤولية لكنه جزء أساسي من العلمية التعليمية، ويجب أن تكون النقابة جزءاً من الحل من خلال معالجة أي خلل في أداء المعلم، مثلما هي الحاجة لمعالجة أي خلل في أداء الأطراف الأخرى.
لم يعد صعباً على أي نقابة الدعوة إلى إضراب ووقف عجلة الخدمات وحرمان الناس من حقها في الخدمة في أي قطاع، لكن التحدي الحقيقي هو في إنجاز لمعالجة المشكلات الكبرى والتراجع في أي قطاع، وقائمة الحقوق يجب أن تقابلها قائمة الواجبات، ومن بنوا قطاع التعليم في بلادنا عبر عقود ربما كانوا مظلومين في حقوقهم لكنهم لم يقصروا في أداء واجباتهم، ولم يبحثوا عن قرار من حكومة بفرض الإحترام والمكانة لهم بل صنعوها بأنفسهم وحضورهم، فضلاً عن ثقافة المجتمع وقيمه.
نتمنى أن يكون الجهد حقيقياً من الوزارة والنقابة وكل الأطراف لأنه لا يكفي التشخيص بل لا بد من العمل لإيجاد الحلول، وتحديد المسؤوليات، ولا يمكن الوصول الى مسار لمعالجة الخلل في ظل التعطيل المستمر للعملية التعليمية، ودائماً الوصول إلى حلول وتفاهمات نهج العقلاء بدلاً من التصعيد والذهاب للخطوة الأخيرة.
الرأي