المشهد يثير الفزع

المشهد يثير الفزع
الرابط المختصر

بكل الأحوال، لن تصل مذكرة النواب التي وقّع عليها 87 نائبا لحجب الثقة عن حكومة عبدالله النسور، إلى مديات دراماتيكية، تصل إلى إسقاط الحكومة، لكنها تؤشر إلى شكل العلاقة المتوقعة والمتوترة بين الحكومة ومجلس النواب، وتكشف أن عداد عمر الحكومة بدأ بالتناقص، قبل أن تتجرأ وتعلن عن قرار رفع أسعار الكهرباء والمياه المتوقع نهاية حزيران المقبل.

رتم أداء الحكومة في الفترة الأخيرة يتسم بالارتباك والبطء وغياب البوصلة، ولا تخرج من أزمة إلا وتدخل في اخرى جديدة.

في مواجهة الاستعصاءات السياسية والاقتصادية، والأزمات الاجتماعية المتفجرة في البلاد، لا يبدو أن الجهات الرسمية، قد اعتمدت خطة إصلاح وتغيير من أجل حماية البلاد، وحماية الشعب الأردني، الذي يئن تحت وطأة الأوضاع الداخلية المعيشية والسياسية، ثم غياب مقومات الأمن الاجتماعي.

ولا يبدو أن الجهات الرسمية، تمتلك أية استراتيجية إصلاحية للتعامل مع المشكلات المتفاقمة، التي تصيب المواطن الأردني بالذهول بسبب تفاعلاتها، وأحداث العنف الشديد الذي يمتد لهيبه يوما وراء يوم إلى دور العلم تحديدا.

لا بل هناك تواطؤ غريب يتبدى من خلال غياب التصدي لمعالجة المشكلات الناشئة وفق القانون والدستور وكل ما تمليه أعراف الدولة المدنية الحديثة.

فمن المسؤول عن استمرار ظاهرة العنف المجتمعي وتفاقمها؟

ومن المسؤول عن عصابات قطع الطرق الخارجية؟ وانتشار أحداث السرقات..و...و.

المشهد السياسي والاجتماعي يثير الفزع، إذ كيف يمكن استبدال سياسات الإصلاح الداخلي للأوضاع التي يجري توجيه النقد لها في الخطاب الرسمي، والاحتجاج عليها من قبل القوى الشعبية، بسياسات اثارة الفوضى الاجتماعية على خلفية التعصب الجهوي والفئوي بكل أشكاله؟

وكيف يمكن أن تؤدي سياسة إحداث الاضطرابات والفوضى الى حماية الأردن ومؤسساته.

ربما تكون هناك منافع قصيرة الأجل، ومحدودة، ولكنها شديدة الخطر على البلاد، وعلى مقومات النظام السياسي نفسه، فمن المستفيد من كل ما يجري؟

ولماذا لا يتم التصدي الفوري لمعالجة هذه الظواهر التي أصبحت تربك المجتمع الأردني وتضع وحدته وتماسكه في دائرة الاستهداف؟

لا مفر من دفع مستحقات الإصلاح بكل أركانه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

ومخطئ تماما من يعتقد ان بإمكانه الالتفاف على هذا الاستحقاق، دون أن يتلقى مخاطر هذه السياسات التي تتجاهل الضرورات الوطنية في هذه المرحلة الدقيقة في حياة البلاد.

ليس هناك من وصفة علاجية اخرى غير الإصلاح وطريق التغيير الديمقراطي والتماسك الاجتماعي الداخلي، و إشراك القوى الشعبية والاجتماعية في القرار، والانضباط لمبادئ الدستور، والقانون والتشريع، وليس لقوانين الفوضى التي أصبحت تدب الرعب في أوساط المجتمع الأردني.

المطلوب من القوى السياسية والاجتماعية جميعها، صاحبة المصلحة في التغيير الديمقراطي ومن موقع مسؤوليتها الوطنية والأخلاقية ان تهب لنجدة البلاد من كارثة السياسات الفوضوية والعدمية التي تنحدر اليها.

المطلوب هو تحديد الاتجاه نحو إعادة الاعتبار للمطالب الإصلاحية ولاستعادة الحقوق الديمقراطية الغائبة.

بصراحة، نريد الاطمئنان على الغد، حتى يأتي بسلام، ولا يحمل في طياته كوارث نشاهدها عبر الفضائيات عند الجيران، ولا أحد يتمنى أن يشاهدها بالعين المجردة.

العرب اليوم

أضف تعليقك