المرأة.. قضية وطن

المرأة.. قضية وطن
الرابط المختصر

المسألة لا علاقة لها بالانتخابات فقط؟، ولكن ما يجري على الأرصفة هذه الأيام خض قاع المياه الراكدة، وتسبب بتعكيرها. نعم.. فما أدركه وبات يدركه أكثر من نصف الشعب، أن استعراضات المرشحين بائتة وغائبة عن وعي التغيرات التي مرت على العالم في كل مناحيها، وشعارات هؤلاء أكبر دليل على سباتهم الطويل في الكهف، ومحاولاتهم (لا أعرف إن كانت يائسة أم لن تكون) في الركض نحو مخاطبة مشاعر الناس ونيل تعاطفهم للأسف، وليس ثقتهم.

المرأة مثلا في البرامج الانتخابية (وأعتذر عن كلمة برامج)، هي: نصف المجتمع، أخت الجميع، أم الرجال، مرضعة الأبطال، شريك في القرار، هي نفسها الشعارات التي كنا نراها في أفلام الأبيض والأسود لنساء مرتديات اليشمك، وهن يطالبن بحقوقهن في التحرر!

و أنا لن أطيل عليكم في اجترار أخبار التبدلات التي طرأت على تلك الحقبة وحتى يومنا هذا. ولكنني لم أتمكن أن أقف هادئة أمام هذه الصور المبالغة في التناقض ما بين شعارات سخيفة كل همها لفت انتباه المرأة الأردنية لأصحابها، مع التنكر المتعمد لقيمة فكرها وثقافتها واطلاعها على حقوقها الحقيقية، والواقع الذي تعيشه المرأة فعلا في هذا الوطن، ولا تقوى وحدها على مواجهته والتصدي لظلمه واستفراده بها.

فعلى الرغم من المشهد الخارجي الظريف الذي يظهر المرأة الأردنية، في المحافل الدولية وكأنها شريكة حقيقية في الحقوق والواجبات، لكن حقيقة مؤسفة هي التي تجري على الأرض. المواطنة ليست كاملة، وقوانين العقوبات والجنسية والأحوال الشخصية ما تزال تعاني قصورا، لم يجد له طريقا للنماء بالمجتمع نحو العدالة والمساواة ما بين الجنسين.

القضية ليست قضية مشاركة صورية تبين للعالم أننا اجتزنا مراحل مفصلية مهمة بهذا الشأن، لكنها قضية وطن يسعى لفرض الإحساس بالأمان لمواطنيه من دون التطرق لأجناسهم.

إنها قضية امرأة قطعت البارحة برنامجا إذاعيا على الهواء تبكي بحرقة، من ظلم واستبداد زوجها الأستاذ الجامعي، وتعمده إهانتها وضربها أمام أولادها على الساخنة والباردة.

إنها قضية أولاد وبنات يدفعون من مرارة مواطنتهم المنقوصة ثمنا، لزواج أمهاتهم برجال غير أردنيين. إنها قضية قانون قصر في تجريم فعل التحرش بنساء يخفن من ردة فعل المحيطين، ويتعاملن مع هذا الأمر الخطير بردود فعل سلبية في أماكن عملهن. إنها قضية كوتا في المناصب السياسية والاقتصادية، وطبعا ليست السيادية، فقط لإظهار مدى تحضر الدولة وإطلاق العنان للمرأة كي تثبت جدارتها، وللأسف هي غالبا لم تفعل، لأسباب تتعلق بسوء الاختيار!

هذا طبعا بالإضافة إلى القضايا العامة، والتي تتشارك فيها المرأة والرجل، بوصفها مواطنة كاملة مكتملة.

للأسف حتى إن المرشحين القلائل الذين جاهدوا في البحث عن عناوين ساخنة، تظهر نواياهم لمتابعة قضايا وقوانين وتشريعات غير عادلة، يفعلون ذلك موجهين خطاباتهم للعمال والمعلمين والنقابيين، من دون الإشارة إلى أن الظلم الواقع على المرأة في تلك القضايا، يكون عادة مضاعفا ومستقويا على حاجتها وخوفها من ردة فعل المجتمع.

نحن بحاجة لمبادرة وطنية حقيقية، يتبناها مرشحون على اختلاف أجناسهم، ومن ثم تمرر على المجلس القادم، ينظر للمرأة من باب المواطنة غير المنقوصة، ويتعامل معها كشخص كامل الأهلية، يحترم عقلها وجسدها، يشد من أزرها، ويمكنها من دورها بنفس عدد الفرص الممنوحة للرجال الذين يستحقون فعلا هذا التمكين.

span style=color: #ff0000;الغد/span

أضف تعليقك