المديونية تقفز حاجز (25) مليار دولار
أظهرت بيانات صندوق النقد الدولي أن قيمة الدين العام الأردني بلغ (17.6) مليار دينار أردني في نهاية عام (2012)، أي ما يعادل (25) مليار دولار أمريكي، ديونا محلية وخارجية، قصيرة الأجل وطويلة الأمد، وتشير التوقعات إلى زيادة هذا الرقم بنهاية عام (2013).
المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها الأردن عميقة ومستفحلة وتزيد من مشاعر القلق على الصعيد الرسمي والشعبي، في ظل عقم الحلول المطروحة، وضعف الاطمئنان الشعبي إزاء المستقبل الذي لا يحمل مؤشرات الطمأنينة ولا دلالات الحل الجذري.
ينبغي أن نؤمن أولاً أن الإصلاح الاقتصادي لن يكون معزولاً أو مستقلاً عن مسارات الإصلاح الأخرى، وهنا ينبغي مراجعة المقولة القائلة إن مشكلاتنا ومشكلة العالم العربي كلها مشكلة اقتصادية من أجل صرف الأنظار عن المشكلة السياسية المستفحلة، وبقية المشاكل الاجتماعية، والعلمية والتربوية والثقافية، التي لا تقل فساداً واستفحالاً عن غيرها من المشاكل، وهذا لا يعني بحال التقليل من خطورة المشكلة الاقتصادية وأولويتها، ولكن ما يحتاج إلى التوافق أن منظومة الإصلاح منظومة واحدة، ويجب أن تسير في كل المسارات بطريقة متوازية ومتكاملة، وجنباً إلى جنب، مع التأكيد على أن الإصلاح السياسي يمثل المدخل والبوابة الرئيسية التي يجب أن يعبر منها الإصلاح الشامل.
ما نحن بصدده هو نتيجة تراكمية لسياسات وإجراءات وقرارات وسلوكات تمت عبر عشرات السنوات السابقة، ولكن ما يجب الاعتراف به برجولة وشجاعة أن سياسات التحول الاقتصادي وما تخلله من خصخصة وبيع مؤسسات القطاع العام، واستقدام الشريك الاستراتيجي، كل ذلك لم يحمل للأردن الحل المطلوب، ولم يجلب الاستقرار والازدهار الاقتصادي، ولم يجلب الرّفاه، ولم يحل مشكلة المديونية، ولا العجز من الميزان التجاري ولم يقلص العجز في الموازنة، بل ما نشهده هو على نقيض تماماً، فقد زادت أرقام الدين العام بشكل متصاعد ومذهل، وزاد العجز في الميزان التجاري، وزادت مساحات الفقر، وتضاعف عدد جيوبه، وزاد عدد العاطلين من العمل، وارتفعت الأسعار بطريقة جنونية تفوق استطاعة الأغلبية الساحقة عن التكيف معها، في ظل تآكل الدخل وتراجع القيمة الشرائية للعملة، وأكبر ظاهرة رافقت عملية التحول هي تضخم غول الفساد المستشري والمتعاظم الذي أصبح يدير أعماله بشكل مؤسسي، واتخذ من عملية التحول فرصة تاريخية للتجذر وابتكار كل وسائل الحماية والهروب من الملاحقة والعقوبة.
نحن الآن أمام لحظة تاريخية حاسمة، وأمام منعطف خطر، يمكن أن نجعل منها مرحلة انتقالية نعبر من خلالها إلى مرحلة الأمان والاطمئنان بالنسبة للأجيال القادمة، وهذا يقتضي البدء بتشغيل حكومة استثنائية قادرة على تفهم المرحلة بعمق، وقادرة على تقويم المرحلة السابقة بشجاعة بعد أن تمتلك كامل ولايتها الدستورية، وقادرة على بسط سيادتها على كل مجالات إدارة الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، وقادرة على إحداث الحد الأدنى من التوافق السياسي والتعاون والمشاركة بين مختلف الأطراف الفاعلة والمؤثرة في المشهد الأردني.
الحكومة القادمة يجب أن ترسل رسالة الطمأنة الأولى للشعب الأردني من خلال اختيار رئيس الفريق، الذي ينبغي أن يحظى بسمعة وطنية جيدة ويشهد له باليد النظيفة والتاريخ النظيف الذي يؤهله لاختيار فريق وطني نظيف السمعة ويتمتع بالكفاءة السياسية والإدارية والعمليّة، إلى جانب الخبرة والتخصص اللذين يحميان الدولة ومؤسساتها ويسعيان نحو تمكين المجتمع الأردني من امتلاك قراره، وقدرته على إدارة موارده.
العرب اليوم