الفايز ونقابة المعلمين
لم أكن مخطئا عندما دافعت عن موقف وتصريحات رئيس مجلس النواب الأردني ، تلك التي أطلقها على هيئة (نقطة نظام) تحت القبة ليلفت عناية أعضاء مجلس النواب ، أن لا يتناولوا أو يتداولوا شبهة دستورية في خطاباتهم أيام جلسات الثقة بالحكومة ، وعلى الرغم من عدم اطلاعي قبل أمس الأول على النص الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور عام 1994 ، بخصوص (لادستورية) إنشاء نقابة للمعلمين ، إلا أنني دافعت عبر فضائية شبكة بي بي سي عن الموقف بل الواجب الذي يقوم به فيصل الفايز كنائب وكرئيس لأحد جناحي السلطة التشريعية ، وكان محاوري المدافع عن الرأي الآخر هو صديقي المحامي والمهندس علي أبو السكر (نتناول الموقف في مقالة غد).
حضرت اجتماع السيد الفايز مع اللجنة التوجيهية العليا لإحياء نقابة المعلمين ، التي تحدث أعضاء منها ، وبينوا موقفهم وقضيتهم المطلبية ذات المساس بحياة كل أردني ، وبين فيصل الفايز موقفه الشخصي المناصر للمعلم والداعم لحقوقه بحياة كريمة ، متوافقة مع حجم وأهمية دوره ورسالته المهمة ، ثم قرأ النص الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور عام 1994 ، الذي يبين أن المطالبة بنقابة للمعلمين أمر يتعارض مع بعض مواد الدستور الأردني ، وتضمن أيضا طلبا صريحا من السلطة التشريعية ، بعدم المطالبة بتشريعات لموظفين في القطاع العام ، حيث يحتوي الدستور الأردني على نصوص واضحة متعلقة بقوانين كياناتهم التمثيلية كموظفي دولة ، وهنا بين لنا الفايز: "أن هذا القرار ومنذ أن صدر عن المجلس العالي لتفسير الدستور ، أصبح جزءا من الدستور ، الذي أقسمنا على المحافظة عليه ، علاوة على دورنا ومسؤوليتنا الرئيسية بالمحافظة عليه وحمايته وتطبيقه ، ومراقبة الالتزام به وبنصوصه وروحه من قبل كل سلطات الدولة الأخرى..".
تحدث المجتمعون ومن بينهم نواب بشفافية عالية ، وعبر الفايز عن اقتراحين للخروج بنتيجة واقعية ودستورية ، الأولى هي إجراء يقوم به المجلس حسب دوره المنصوص عليه في الدستور ، وحسب نظامه الداخلي ، وهو إلغاء القرار الصادر عن المجلس العالي لتفسير الدستور ، وخطواته قيام 10 نواب أو أكثر بالتقدم بمثل هذا الطلب للمجلس ، ثم مناقشته ، وعقد جلسة مشتركة بين أعضاء مجلسي النواب والأعيان ، والخروج بموافقة أغلبية المجتمعين (ثلثي أعضاء المجلسين أو أكثر).. وهي خطوات إجراء تعديل دستوري.
والاقتراح الآخر كان قانونيا أيضا ، ينحصر أساسا في التسمية موضع وسبب الجدل ، أي أن تكون اتحادا أو جمعية.. الخ ، وأن لا يكون الاسم (نقابة) ، وهو اقتراح حكومي أصلا ، حدثني عنه نواب بأنه صادر عن وزير التربية والتعليم ، كوسيلة للخروج من مأزق الجدل الدستوري بشأن مطالب المعلمين ، أي أن الحكومة ممثلة بوزيرها ، تقف مع المعلمين ، لكن دون التعرض للدستور أو تجاوزه.
لا يتسع المجال هنا للتحدث عن رأيي بصورة واضحة ، الذي يتلخص بضرورة الحوار ، ليس بموضوع الصفة أو الكيان التمثيلي للمعلمين فقط ، بل يجب قبل هذا أن نتحاور بـ(ضمانات) وطنية ، تضمن للوطن ولكل مواطن فيه ، أن لا يدور الصخب السياسي قريبا من حقوق الطلاب الكاملة بالتربية والتعليم.
أريد القول أن الصخب يدور قريبا من مناهج وأدمغة أطفالنا وشبابنا ، وهي منطقة محرمة تماما على العبث ، ويجب أن تحميها القوانين من (الاختطاف السياسي) ، فهذه أجيال أردنية تعيش بوطن ذي خصوصية ، ويجب أن يتم احتضانها وحمايتها حتى يكتمل نموها ، فواجبنا جميعا أن نحضن أبنائنا ونحميهم من (شرور وأمور السياسة).
الحديث في حقيقته حساس يتطلب عقلا لا حماس ، لأنه ذو مساس بمستقبل الوطن والدولة.
الدستور