الـرئيس والتجنيس والتسويات الكبرى

الـرئيس والتجنيس والتسويات الكبرى
الرابط المختصر

يحاول الدكتور عبد الله النسور توضيح مقصد الحكومة وتوجهها من مسألة الحقوق التي منحت لأبناء الأردنيات في مجالات التعليم والتأمين الصحي وغيرها، ويرى أن جلّ ما قدم (وهو مطلب لجماعة نيابية) بالإضافة لكونه مطلبا إنسانيا، إنما يعكس اهتمام الاردن بحقوق الإنسان، وهو لا يمثل منح جنسيات أو تجنيس أو طريق للوطن البديل أو ما شابه، ويرى أن البعض تلقى الأمر بـتأويلات مختلفة ومبالغة، وأنه عند الحكومة لا يعني إلا «منح خدمات» لأبناء الأردنيات.

وأبدى الرئيس في لقائه مع الزملاء رؤساء التحرير والكتاب أمس حزنه على الاستنتاجات التي تربط بين جهود السلام وسياسات الحكومة في موضوع حقوق ابناء الأردنيات، إذ أنه يرى بأن دخول الطفل للمدرسة وتلقي العلاج واجب على الدولة أن تقدمه.

والرئيس الذي يعي معنى التفسيرات وزوايا التناول لكلامه من قبل النخب والإعلام والمجتمع، يشدد على أن اللاجئين لهم خيار العودة والتعويض معاً، وهو يُقر بأن كل من جاء للأردن قبل العام 1949 هو أردني، ما لم يختار غير ذلك، والأردن برأيه هو الطرف الممثل للاجئين في الدفاع عن حقوقهم، وهو الذي يجب أن يحضر ممثلاً عن الكتلة الحرجة التي تمثل مصالح الأردنيين من أصل فلسطيني. كما أن الدولة برأيه متضررة من مسألة اللاجئين ولها حقوق في التعويض عن خسائرها وكلفها.

وعند سماع هذا الكلام، تقفز اسئلة الدستور الأردني الذي يبين حقوق الأردنيين في التعليم والصحة، والذي يعتبر أن واجب الدولة أن تقدم ما تقدم من حقوق التعليم والعمل لأبنائها «المواطنين»، وأن الجنسية أيضا لا تمنح إلا بقانون، فإن الأمر يأخذ شكلا آخر في الحديث عن الهوية واستحقاق الحديث عن التفاوض الدائر، وفي صواب ما جرى أيضا.

فدولة الرئيس حين يقول :»أن كل من هاجر بين عامي 1946- 1949 هو لاجئ»، مع الأخذ بالاعتبار من جاء قبل ذلك التاريخ، فإنه لم يعط للأردني من أصل فلسطيني شيئاً جديداً، بل هو يضعه في سياق الواقع التاريخي الذي قررته الوحدة بين الضفتين في نيسان 1950 وهذا مفهوم ومرحب به لأنه نتيجة لقرار ممثلي الشعبين وإرداتهما.

المشكلة التي واجهتنا فيما بعد، في أن من أعطوا حقوقا وتمثيلا سياسيا من النازحين وغيرهم، أخذوها دون وجود ممثل عن الشعبين، وبخاصة بعد العام 1958 عندما غيب البرلمان، أي في ظل تعطل الحياة البرلمانية وغياب مجلس الشعب الذي يقرر تلك الحقوق.

ومع ذلك، ففي لحظة ما كان يُنظر للأردن من قبل بعض الإخوة الفلسطينيين والأردنيين أنه متآمر على المصير الفلسطيني لأنه أعطى حق التمثيل النيابي لأبناء المخيمات مثلاً، وان ذلك يعني توطيناً ومؤامرة على مشروع النضال الفلسطيني، ثم تخلى الجميع عن ذلك واصبح هناك حقوق أخرى فوق هذه الحقوق.

لا خلاف على أهمية حسم كل هذه الأمور، ولا بدّ من الوصول لدولة المواطنة، وان نخرج من كل هذا القلق، لذا كنا نأمل ان تكون مسألة حقوق ابناء الأردنيات ليست استجابة لطرف كتلة او مجموعة برلمانية بحيث تحقق من ورائها الشعبية، بل الأفضل أن تطرح عبر مجلس النواب بقانون يرسل من الحكومة، ويطرح معه أيضا القرارات الأخرى التي تحضر عند الحديث عن مسألة هوية الدولة، وعلى رأسها قرار فك الارتباط.

وعلى أية حال، فإن دولة رئيس الحكومة لا يعمل خارج فضاء التاريخ والواقع والمستقبل ونهاياته، لكنه يستوعبه ويعرف مفاصله، ونحسب أنه مدرك لتحولات الإقليم، فحقوق ابناء الأردنيات لا تعني فقط ما تم تفسيرها به، لكن إثارة الموضوع راهناً جاءت مستحقة؛ لأن الجميع يشعر بأن المنطقة مقبلة على تسويات نهائية في المسألة الفلسطينية والدولة الموعودة، وفي ملفات إقليمية أخرى

الدستور