العنف الاجتماعي والأسباب الاقتصادية

العنف الاجتماعي والأسباب الاقتصادية

قد تكون العوامل الاقتصادية احد الاسباب التي ادت الى تنامي ظاهرة العنف في المجتمع في الاونة الاخيرة, لكنها بالتأكيد ليست السبب الرئيسي كما يصر البعض على تفسير تلك الظاهرة التي بلغت ذروتها.

صحيح ان معدلات الفقر لن تنخفض نتيجة العمليات الاقتصادية التي تمت في السنوات الماضية ولم تؤثر ايجابا على ظاهرة البطالة التي تعصف بأطياف المجتمع, لكن لا يوجد جديد على الاردنيين في هذا الشأن, فالتحديات الاقتصادية التي كانت على الدوام تعصف بالامن المعيشي للمواطنين لم تنته بل استمرت وطأتها وتداعياتها في ازدياد.

الجديد في التطورات الاقتصادية هو فيما يتعلق بقضية البورصات الوهمية التي التهمت مدخرات الاردنيين وبات جزء كبير منه تحت وطأة الفقر والدين, فيما تم الاعلان عن عدد المتعاملين في تلك العمليات التي اتسمت بالنصب والاحتيال لا يصل الى الحقيقة, لان الاعداد اكثر بكثير من ذلك, لكن عادات المجتمع تفرض على شريحة واسعة من المتعاملين الكشف عن هوياتهم.

تنامي ظاهرة العنف المجتمعي التي باتت تتوغل في المجتمع بجميع اطيافه نتيجة حتمية لتزايد الضغوط الاقتصادية وغياب ثقافة حقوق الإنسان والتسامح, خاصة مع ارتفاع عدد جرائم القتل البشعة التي أضحت عنوانا رئيسيا للصحف كل صباح حيث أن الدافع الأساسي وراء ارتكابها إما السرقة أو الانتقام, الأمر الذي يدل على وجود علاقة طردية بين غياب الحد الأدنى من الحقوق الاقتصادية للمواطنين وغياب ثقافة التسامح والتراحم من جهة وبين ارتفاع وتيرة تلك الجرائم من جهة أخرى.

كما أن مرتكبي غالبية تلك الجرائم هم من أقارب أو المقربين من الضحايا, وهو ما أدى إلى تفاقم ظاهرة الخوف والاحساس بعدم الأمان بين أفراد المجتمع. كما أن التعاطي الإعلامي مع مثل هذه الحوادث وما سبقها من حوادث مماثلة لم يكن على مستوى المسؤولية, وبدلا من أن يكون الهدف الأسمى لوسائل الإعلام هو ترهيب المجرمين والبحث في أساليب معالجة تلك الظاهرة الخطيرة.

في الواقع ان المجتمع تعرض لعدة منقلبات خطيرة ادت الى هبوط حاد في القيم الاسرية دفعت الى تنامي ظاهرة العنف المجتمعي, لعل ابرزها تعثر مشاريع الاصلاح السياسي وعدم اشراك المواطنين في عملية صنع القرار وزعزعة ثقة المواطنين في العملية الديمقراطية من خلال التدخل في الانتخابات وتزوير ارادة الناخبين الذي ساهم في تشكيل هذا المناخ السلبي.

كما ان غياب النزاهة والشفافية وازدواجية المعايير ساهما في تشكيل بؤر مهمشة منغلقة على ذاتها سرعان ما ادى الى احتكاك ووقوع اعمال عنف وشغب, ناهيك عن حالة التشوه الذي اصاب المجتمع والجامعات.

ان المساعي التي تجرى لتطويق اي حدث هي من باب الفزعة وتفتقر الى رؤية حقيقية قادرة على معالجة هذه الظواهر ومنع وقوعها في المستقبل

أضف تعليقك