الظل الطويل" في "صفقة الإسكان"

الظل الطويل" في "صفقة الإسكان"
الرابط المختصر

منذ أشهر، أي لحظة تسريب تفاصيل الصفقة المزعومة لبيع أسهم مؤسسة الضمان في بنك الإسكان، والشارع الأردني يعيش حالة من الترقب والانتظار، ممزوجة بالقلق والشكوك.

ما يرشح من أخبار نادرة ومحدودة جداً عن جلسات التحكيم في سويسرا بين الضمان والشركة القطرية، في ظل تعتيم رسمي شديد، بدعوى "عدم الإضرار بالجانب القانوني والقضائي" للموقف الأردني!

في الساعات القليلة الماضية انفرد موقع "خبرني" (الالكتروني) الإخباري بنشر تفاصيل مثيرة وخطرة، مدعّمة بوثائق عدّة لمراسلات الكترونية، منسوبة لمدير الوحدة الاستثمارية السابق، في مؤسسة الضمان الاجتماعي، ياسر العدوان والمتوفّى وليد مرجان.

 وفي التقرير رواية مفصّلة، بالتواريخ والأرقام والمعطيات والأسرار، عن التنافس الكويتي- القطري على شراء أسهم الضمان.

أكثر ما يقلق هو الخلاصة التي تتضمن إيحاءً واضحاً بأنّ موقفنا القانوني والقضائي ضعيف، وأنّ مسؤولي الضمان "وقّعوا" على الصفقة، وأنّنا سندفع الشرط الجزائي قرابة 120 مليون دولار، بالإضافة إلى أتعاب المحاماة التي تصل إلى 5 ملايين دولار أيضاً!

مثل هذه المعلومات والتسريبات والوثائق انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل المجتمعي، ووجدت "أذناً صاغية" من الرأي العام في ظل غياب المعلومات من الطرف الحكومي ومن الضمان، بذرائع قضائية.

 حتى ياسر العدوان، المدير السابق لوحدة الاستثمار، الذي كان قد نفى بقوة وحزم، في تصريحات سابقة له لـ"الغد" أي توقيع له على المعاملات، هو مستنكف عن التصريح اليوم، بطلب من مكتب المحاماة الذي يترافع عن الضمان في القضية.

بالرغم من ذلك، فإنّ مصادر رسمية مطّلعة أشارت أمس إلى أنّ الجزء المهم والرئيس من المعلومات الواردة في التقرير غير صحيحة، وبخلاف ما ذهبت إليه الأطراف، التي تحدّثت في التقرير الإخباري المهم.

مصادر قانونية عليمة تؤكّد بأنّ ما يظهر من دلائل ومؤشرات يضعنا في موقع جيّد ومريح في القضية، وربما هذا ما يدفع ببعض الأطراف إلى محاولة تسريب معلومات مشوّشة لإثارة الرأي العام الأردني والشارع وإيجاد مصادر إزعاج سياسية، بالإضافة إلى القضائية.

نتفهّم الجانب القضائي والقانوني الذي يدفع بالحكومة والضمان إلى التحفّظ في التصريحات والأحاديث الإعلامية، وهي حالة معروفة في العالم أجمع، لكنّ هذا بخصوص معركة التحكيم السويسرية؛ إلاّ أنّ هنالك معركة داخلية على درجة موازية من الأهمية، وهي معركة الرأي العام الوطني، المسكون بالشكوك وانعدام الثقة بالحكومة، نظراً للتجارب المريرة السابقة.

المعركة المحلية تتطلب أيضاً صوغ رسالة إعلامية توازن بين الجوانب القضائية والقانونية.

 ثمّة رأي آخر، للأسف نسمع صداه لدى مسؤولين وسياسيين بارزين، يذهب إلى أنّ موقفنا في القضية ضعيف ومهزوز، ويؤكّد على جوهر الرواية التي جاءت في التقرير المذكور، ويحيل نشر التقرير إلى محاولة تحضير الرأي العام المحلي لصدمة قرار التحكيم الدولي بتغريم الضمان المبلغ الكبير (120 مليون$)، بالإضافة إلى أتعاب المحاماة (بحدود 5 ملايين$).

ما يزال الرأي العام ينتظر الأخبار المؤكّدة، لكن لن تُجديَ نفعاً أيّ عملية تمهيد، بل بدأنا نسمع في سوق "الإشاعات الشعبية" من يربط رفع نسبة مساهمة الأفراد في الضمان شهرياً، بمحاولة التعويض عن هذا المبلغ الكبير المتوقّع!

بعد شهور من الانتظار يزداد لغز القضية تعقيداً، واستعصاءً على الحلّ، ومن الواضح تماماً أنّ هنالك أيادي تلعب بين الطرفين، فلا دخان بلا نار، وتبحث عن كبش فداء، والتكتّم والغموض الحكومي يعبث بأعصاب الشارع، وهو يقرأ في ملف "عابر للحكومات" ويلمح ظلاًّ لرجلٍ طويلٍ يمتد خلفه!.

الغد